الاثنين، يونيو 13

"المستهدف" لوحة بانورامية لمظاهر أزمات الانسان المعاصر

 



صور من تغطية الصحافة الاردنية لحفل توقيع المجموعة القصصية الجديدة لجمال ناجي

إياد نصار: "المستهدف" تقدم لوحة بانورامية لمظاهر أزمات الإنسان

عمان - قال القاص والناقد إياد نصار إنَّه في هذه الأيام التي يشهد العالم فيها طفرة غير مسبوقة في كتابة الرواية، ونشرها، والاحتفاء بها، تثبت القصة القصيرة أنَّها تظل ذات جاذبية وحيوية وتجدد، تغري كتابها بالعودة إليها.


وأضاف في حفل توقيع المجموعة القصصية الجديدة "المستهدف" للروائي والقاص جمال ناجي، في مركز الحسين الثقافي،أول من أمس، بحضور نائب مدير المدينة للشؤون الثقافية المهندس هيثم جوينات، إنَّ "القصة رغم قصرها إلا أنها "ملكة الرشاقة" التي تختبر موهبة القص لدى الكاتب".

وأكد أنَّ القصَّة ليست مجرد حكاية، بل إبداع فني كامل من تقديم خلاصة تجربة الحياة، وتحليل الشخصية، ورسم معالم اللوحة الإنسانية الذي ينطوي على المفارقات والدهشة، بلغة مكثفة موحية، تقدم متعة فنية وفكرية، واكتساب خبرة، وازدياد وعي، ومعايشة لحظات تأملٍ في معاني الحياة.

وتابع أنه هكذا يعود الروائي والقاص جمال ناجي، الذي وضع بصمته على صعيد الإبداع السردي في الأردن، والعالم العربي، مرة أخرى إلى القصة القصيرة، بعد أن قدّم لها ثلاث مجموعات هي "رجل خالي الذهن"، و"رجل بلا تفاصيل"،و"ما جرى يوم الخميس" ليضيف مجموعة جميلة.

وبيَّنَ أنَّ "المستهدف" تشكِّلُ حلقة أخرى في مشروع ناجي الذي يحمل رؤاه الفكرية والإنسانية منذ أن بدأ مشواره قبل ما يزيد على 30 عاما، حينَ كتَبَ روايته المدهشة "الطريق إلى بلحارث" التي لفتت الأنظار، حتى روايته الأخيرة "عندما تشيخ الذئاب" التي حققت حضورا لافتاً محلياً وعربياً، ووصلت نهائيات الجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2010.

وأشار إلى أنَّ ما يتميَّزُ به ناجي أنَّهُ حينَ يكتبُ القصَّةَ يخلعُ عنهُ رداء الرواية، ويلقي بأدواتها وأجوائها وأساليبها جانباً، ويتقمَّصُ القصة لغة وروحاً وأسلوباً، مؤكِّداً على أنه يُتْقنُ "فن التنقل والإبحار بين الرواية والقصة، كربّان يعرفُ مراكبه وأدواته التي لا يخطئ متى يستخدم أياً منها".

وأوضَحَ نصار أنَّ المجموعة تطرحُ طيفاً متعدِّداً من إشكاليات الحياة الاجتماعية، وتعبِّرُ عن التفاتات نبيهة بعين القاص الحاذقة، وتفتحُ أفقَ القارئ على معان جديدة للأشياء والمواقف من حوله، وشخصياتها واقعية من الطبقة المتوسطة في مجملها.

واعتبَرَ أنَّ المجموعة تقدِّمُ لوحة بانورامية لمظاهر أزمات الإنسان، والهموم اليومية للحياة في المدينة التي تورث القلق وغياب التواصل الإنساني وفقدان الحب، وتمتاز بالحفر في الهواجس النفسية للشخصيات التي تعيش لحظات الخوف والترقب.

وذهب إلى أن بعض القصص تعكس جوانب معاصرة من أنماط حياة الناس في عمان،وتقيم مقارنات تشتمل على مفارقات بين قاع المدينة وغربها، مثلما تعكس "التغير في أنماط التدين الاجتماعي حيث عمل الخير يصبح مصدر همٍّ وقلق".

وأشار إلى أن كل قصص ناجي تتضمن "عنصر التشويق الآسر الذي لا يتخلى عنه"، نائيا بنفسه عن التهويمات اللغوية، أوالاسهاب في الوصف"قصة جمال ناجي تحكي أكثر مما تصف،وتتحاور مع شخصياتها وقارئها أكثر مما تغرقه في التأملات التي تفتقر إلى الحدث".

وتابع "لعل من أهم ما يميز أدب جمال ناجي هو التركيز على القضايا المرتبطة بتحرر الإنسان من ربقة القيم الموروثة"موضحا" لكنه في الوقت الذي لا تنسى فيه المجموعة طرح قضايا المرأة، فإنها "لا تدب الصوت في طرح قضايا النسوية"،ومن هنا تجد في قصصه اضطهاد المرأة للمرأة وخلافاتهما ومناكفاتهما.

وبيَّنَ أنَّ المجموعة تستهلُّ بقصة "الكحلاء" التي تختزل مخاوف الإنسان في حكاية نبتة لطيفة وادعة حيث تجسد "الكحلاء" ترسبات تجاربنا الفاشلة، وحين نتحرر منها ونقلع عن شتاء الحياة إلى صيفها تموت الكحلاء.تفتتح المجموعة بموضوعة الموت، وتلجأ إلى تجسيد المفاهيم التجريدية التي تتلبسنا احيانا في تكوينات مادية مرعبة تظهر مدى براعة القاص.

وأردف "وتختتم بقصة ذات نزعة صوفية حول معنى الموت أيضاً"، وهي عن رجل يتأمل أمواج البحر، فيثير منظر نورس يقع ميتاً على الصخور شهية الراوي على الاسئلة الوجودية في معاني الموت،وجدوى الحياة وعبثيتها، رائيا أن أهمية القصة تكمن في "توظيف المستوى الرمزي للحدث وإسقاطه على مصير الإنسان".

وراح إلى أنَّه تبرزُ في المجموعة اللغة القصصية المؤثِّرة والمنسابة بكل سلاسة مستشهدا بقصة "الموت شخصياً" حيثُ يحتالُ رجل عجوز على الموت، فيراه في كلِّ شيء حوله، وفي كل صوت يسمعه وهي قصة تضع قارئها في خضم مشاعر الخوف، حتى يموت الإنسان قبل الموت.

وأضاف أنَّ قصص "المستهدف" تلجأ إلى الرمز على نحو مكثف لإعطاء بعد أكثر عمقاً للمعنى، كما توظف البعد الاجتماعي لاستخدامات اللغة الشعبية في فهم نوازع البشر وتحليل شخصياتهم، معتبرا أن المؤلف وظف في أغلب قصصه"السخرية اللماحة والكوميديا للفت انتباه القارئ إلى الجوانب التي يحفزه لإدراكها".

وبيَّنَ أنَّه أيضا "يوظِّفُ النهايات الغامضة المفتوحة لدفع القارئ إلى التفكير ملياً في دوافع البشر الخفية التي تحكم تصرفاتهم الظاهرة كما في قصة "زيارة متأخرة".

وقرأ ناجي في الحفل الذي أداره المدير التنفيذي للبرامج الثقافية في الأمانة الكاتب والمهندس سامر خير قصتي"ساعة جدي" و"زيارة متأخرة" من المجموعة الجديدة الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق