مشاركة في تحقيق لصحيفة الغد حول الشهادة الابداعية
كتّاب: الشهادة الابداعية تداخل النص المفتوح مع أدب الاعترافات
شاركتُ في التحقيق الذي كتبه القاص والروائي والصحفي جمال القيسي ونُشر بجريدة الغد بتاريخ 3 /6/2011 حول موضوع الشهادة الابداعية اضافة الى الروائي والقاص جمال ناجي والقاص رسمي أبو علي. وقد جاءت مشاركتي في الموضوع كما هو مبين تالياً أدناه:
جمال القيسي ـ الشهادة الإبداعية قول على قول، وقلم آخر غير الذي يصوغ المبدع به لوحته التي يودعها أسراره الجمالية، تتماهى ألوانها أحيانا مع ألوان اللوحة، ويستل منها ذات الأجواء أحيانا، لكنها بالنتيجة تبدو كأنها جلوس المسرحي خلف الكواليس مع روحه المستعادة من الخشبة التي تطلبت جهدا استثنائيا.
تختلف طرائق الأدباء في تقديم شهاداتهم الإبداعية باختلاف تجاربهم وموقفهم منها، وباختلاف البنى الإبداعية الذاتية بينهم، البعض يعتبرها محطة اعتراف ومنديل دمعة، والآخر نقطة تنظير واستراحة محارب عتيد، وهناك من يعتبرها عصفا ذهنيا داخليا على ورق البياض، وحسن إصغاء المستمعين.
في الوقت الذي يوغل فيه كثير من الأدباء في تقديم شهاداتهم الإبداعية، التي وصل عدد صفحات بعضها أكثر مما كتب صاحبها من إبداع، هناك عدد لا بأس به من الكتاب الذين يفترض حقيقة أن نسمع منهم شهادة على الإبداع الذي احتفى بهم، ولكن بيت القصيد هنا ليس هذا، بل الوقوف على "كنه" الشهادة.
القاص والروائي جمال ناجي يقول إن الشهادات الإبداعية "خطأ شائع انسقت مرارا إلى ممارسته"، مؤكدا على أنه يعدها نوعا من كشف أسرار اللعبة الإبداعية والتي تنطوي أحيانا على "إفساد الصورة المتخيلة لدى القارئ حول كيفيات الاشتغال على العملية الإبداعية".
ويشير مبدع "عندما تشيخ الذئاب"، إلى أنه لا يتوقع أنْ تتحوّل الشهادات الإبداعية إلى جنس أدبي، ولا أنْ يستمرّ المبدعون في "البوح عن تجاربهم عبر هذه الشهادات إلى ما لا نهاية"، معتقدا أنّ المبدعين سيبلغون مرحلة كتابة السيرة الذاتية الإبداعية والحياتية كمزيج من الأنواع الكتابية الغربية، بدلا من الشهادة الإبداعية التي يكتبها المبدعون العرب.
ويذهب القاص رسمي أبو علي إلى أنّ الشهادة الإبداعية خليط من "النقد الخاص" من الكاتب لنفسه بعد مسيرة وتجربة، لافتا إلى أنّ ذلك النقد الفريد من نوعه يغرف من بحر السيرة الذاتية لصاحب الشهادة، بما يُعزّز ما يراه واجب القول فيها.
ويتابع صاحب "قط مقصوص الشاربين اسمه الريس"، أنّ "الانتقائية" تكون سيدة الموقف والمتحكمة في أجواء الشهادة لدى المبدع، الذي ينتخب آنذاك ما يراه جديرا بالتثبيت والأخذ، موضّحاً أنّ تقدير ذلك ومدى منطقيته يختلف من مبدع إلى آخر حسب عمق التجربة وروحها.
ويلفت أبو علي إلى أنّه قدّم أكثر من شهادة في مسيرته الأدبية، آخرها كان في مؤتمر القصة القصيرة الذي نظمته جمعية النقاد الأردنيين العام 2008، حيث قدّم شهادة حكت عن قصته الشهيرة "قط مقصوص الشاربين اسمه الريس".
ويعتبر أبو علي أنّ كتابة الشهادة الإبداعية كتابة من طراز خاص، أهم ما يُميّزها أن "ليس لها مواصفات معينة"، وفيها يتداخل النص المفتوح مع ما يسمى بأدب الاعترافات أو السيرة الجوانية، مشيرا إلى أنّ الطريف فيها تبدل حالها من مرحلة عمرية إلى أخرى بصورة لافتة.
فيما يرى القاص والناقد إياد نصار أنّ الشهادة الإبداعية جزء من فن السيرة الذاتية الأدبية التي تقتضي الكثير من الصدق والمصارحة ومواجهة الذات والاعتراف، وليس مناسبة لقول ما لم يقله النقاد في أعمال المبدع، مشيرا إلى أنّ بعض أصحاب الشهادات يحولون شهاداتهم الى تحليل نقدي لأعمالهم!
ويعتبر صاحب "قليل من الحظ" أنّ الغرض من الشهادة الإبداعية يندرج تحت عنوانين عريضين: توثيقي وإرشادي، حيث التوثيقي هدفه فتح الأبواب والنوافذ على بعض الجوانب المهمة، التي بقيت في الظل أو الخفاء، ما يُقدّم للدارسين والنقاد أدوات ومفاتيح يستطيعون من خلالها التعمق في فهم أعمال المبدع، ومنطلقاته، ومؤثراته، والظروف التي حكمت مسار تجربته ونتاجه.
ويتابع أنّ الجانب الإرشادي هو تقديم أمثولة للكتاب والمبدعين الآخرين، وخاصة الشباب، للاستفادة منها في تطوير تجاربهم، وتحويل محطات الفشل إلى نجاح، أو الانتباه إلى معالم مهمة قد لا يلتفتون إليها، أو اكتساب بعض العناصر التجديدية.
ويشدد نصار على أنّ الأصل في مناسبات الشهادة الإبداعية أنْ يتمّ التركيز فيها على حضور النقاد والدارسين والمهتمين بتوثيق تاريخ الأدب والسيرة الأدبية للأدباء، وبالقدر نفسه من الأهمية أنْ يدعى إليها أصحاب التجارب الجديدة من الكتاب الذين يتطلعون إلى الاستفادة من تجارب غيرهم من ذوي المسيرة الطويلة.
ويأسف على قلة نشر الشهادات الإبداعية في كتب ونقل الصحف لرؤوس أقلام منها، ما يقلل من فائدتها، ويحولها الى مناسبة إعلامية للتكريم أو للظهور، مبديا استغرابه مما يشاهده في مناسبات تقديم الشهادات الإبداعية من حيث قيام صاحب الشهادة بتأطير تجربته بكثير من التنظير النقدي الذي ينتمي الى مدارس واتجاهات نقدية لا يسير عليها، ولا يلتزم بها.
رابط الموضوع بصحيفة الغد
كتّاب: الشهادة الابداعية تداخل النص المفتوح مع أدب الاعترافات
شاركتُ في التحقيق الذي كتبه القاص والروائي والصحفي جمال القيسي ونُشر بجريدة الغد بتاريخ 3 /6/2011 حول موضوع الشهادة الابداعية اضافة الى الروائي والقاص جمال ناجي والقاص رسمي أبو علي. وقد جاءت مشاركتي في الموضوع كما هو مبين تالياً أدناه:
جمال القيسي ـ الشهادة الإبداعية قول على قول، وقلم آخر غير الذي يصوغ المبدع به لوحته التي يودعها أسراره الجمالية، تتماهى ألوانها أحيانا مع ألوان اللوحة، ويستل منها ذات الأجواء أحيانا، لكنها بالنتيجة تبدو كأنها جلوس المسرحي خلف الكواليس مع روحه المستعادة من الخشبة التي تطلبت جهدا استثنائيا.
تختلف طرائق الأدباء في تقديم شهاداتهم الإبداعية باختلاف تجاربهم وموقفهم منها، وباختلاف البنى الإبداعية الذاتية بينهم، البعض يعتبرها محطة اعتراف ومنديل دمعة، والآخر نقطة تنظير واستراحة محارب عتيد، وهناك من يعتبرها عصفا ذهنيا داخليا على ورق البياض، وحسن إصغاء المستمعين.
في الوقت الذي يوغل فيه كثير من الأدباء في تقديم شهاداتهم الإبداعية، التي وصل عدد صفحات بعضها أكثر مما كتب صاحبها من إبداع، هناك عدد لا بأس به من الكتاب الذين يفترض حقيقة أن نسمع منهم شهادة على الإبداع الذي احتفى بهم، ولكن بيت القصيد هنا ليس هذا، بل الوقوف على "كنه" الشهادة.
القاص والروائي جمال ناجي يقول إن الشهادات الإبداعية "خطأ شائع انسقت مرارا إلى ممارسته"، مؤكدا على أنه يعدها نوعا من كشف أسرار اللعبة الإبداعية والتي تنطوي أحيانا على "إفساد الصورة المتخيلة لدى القارئ حول كيفيات الاشتغال على العملية الإبداعية".
ويشير مبدع "عندما تشيخ الذئاب"، إلى أنه لا يتوقع أنْ تتحوّل الشهادات الإبداعية إلى جنس أدبي، ولا أنْ يستمرّ المبدعون في "البوح عن تجاربهم عبر هذه الشهادات إلى ما لا نهاية"، معتقدا أنّ المبدعين سيبلغون مرحلة كتابة السيرة الذاتية الإبداعية والحياتية كمزيج من الأنواع الكتابية الغربية، بدلا من الشهادة الإبداعية التي يكتبها المبدعون العرب.
ويذهب القاص رسمي أبو علي إلى أنّ الشهادة الإبداعية خليط من "النقد الخاص" من الكاتب لنفسه بعد مسيرة وتجربة، لافتا إلى أنّ ذلك النقد الفريد من نوعه يغرف من بحر السيرة الذاتية لصاحب الشهادة، بما يُعزّز ما يراه واجب القول فيها.
ويتابع صاحب "قط مقصوص الشاربين اسمه الريس"، أنّ "الانتقائية" تكون سيدة الموقف والمتحكمة في أجواء الشهادة لدى المبدع، الذي ينتخب آنذاك ما يراه جديرا بالتثبيت والأخذ، موضّحاً أنّ تقدير ذلك ومدى منطقيته يختلف من مبدع إلى آخر حسب عمق التجربة وروحها.
ويلفت أبو علي إلى أنّه قدّم أكثر من شهادة في مسيرته الأدبية، آخرها كان في مؤتمر القصة القصيرة الذي نظمته جمعية النقاد الأردنيين العام 2008، حيث قدّم شهادة حكت عن قصته الشهيرة "قط مقصوص الشاربين اسمه الريس".
ويعتبر أبو علي أنّ كتابة الشهادة الإبداعية كتابة من طراز خاص، أهم ما يُميّزها أن "ليس لها مواصفات معينة"، وفيها يتداخل النص المفتوح مع ما يسمى بأدب الاعترافات أو السيرة الجوانية، مشيرا إلى أنّ الطريف فيها تبدل حالها من مرحلة عمرية إلى أخرى بصورة لافتة.
فيما يرى القاص والناقد إياد نصار أنّ الشهادة الإبداعية جزء من فن السيرة الذاتية الأدبية التي تقتضي الكثير من الصدق والمصارحة ومواجهة الذات والاعتراف، وليس مناسبة لقول ما لم يقله النقاد في أعمال المبدع، مشيرا إلى أنّ بعض أصحاب الشهادات يحولون شهاداتهم الى تحليل نقدي لأعمالهم!
ويعتبر صاحب "قليل من الحظ" أنّ الغرض من الشهادة الإبداعية يندرج تحت عنوانين عريضين: توثيقي وإرشادي، حيث التوثيقي هدفه فتح الأبواب والنوافذ على بعض الجوانب المهمة، التي بقيت في الظل أو الخفاء، ما يُقدّم للدارسين والنقاد أدوات ومفاتيح يستطيعون من خلالها التعمق في فهم أعمال المبدع، ومنطلقاته، ومؤثراته، والظروف التي حكمت مسار تجربته ونتاجه.
ويتابع أنّ الجانب الإرشادي هو تقديم أمثولة للكتاب والمبدعين الآخرين، وخاصة الشباب، للاستفادة منها في تطوير تجاربهم، وتحويل محطات الفشل إلى نجاح، أو الانتباه إلى معالم مهمة قد لا يلتفتون إليها، أو اكتساب بعض العناصر التجديدية.
ويشدد نصار على أنّ الأصل في مناسبات الشهادة الإبداعية أنْ يتمّ التركيز فيها على حضور النقاد والدارسين والمهتمين بتوثيق تاريخ الأدب والسيرة الأدبية للأدباء، وبالقدر نفسه من الأهمية أنْ يدعى إليها أصحاب التجارب الجديدة من الكتاب الذين يتطلعون إلى الاستفادة من تجارب غيرهم من ذوي المسيرة الطويلة.
ويأسف على قلة نشر الشهادات الإبداعية في كتب ونقل الصحف لرؤوس أقلام منها، ما يقلل من فائدتها، ويحولها الى مناسبة إعلامية للتكريم أو للظهور، مبديا استغرابه مما يشاهده في مناسبات تقديم الشهادات الإبداعية من حيث قيام صاحب الشهادة بتأطير تجربته بكثير من التنظير النقدي الذي ينتمي الى مدارس واتجاهات نقدية لا يسير عليها، ولا يلتزم بها.
رابط الموضوع بصحيفة الغد
سعيدة بعثوري على مدونتك وان شاء الله من المتابعين ..
ردحذفدمت بخير وتقبل خالص تحيتي وتقديري.
أهلا بك ومرحى لمرورك الجميل وتوقفك الذي يسعدني. أتمنى أن تعجبك المدونة فتكون واحة ترتاح فيها نفسك وتلبي ذائقتك الراقية. لك كل تحيتي ومودتي.أرحب بك دائما
ردحذف