الجمعة، يونيو 18

الاتجاهات الفكرية للحداثة في العمارة


لو كوربوزيه: العمارة أو الثورة!
الاتجاهات الفكرية للحداثة في العمارة
اياد ع. نصار

ظهرت منذ بداية القرن العشرين عدة مدارس للفكر لم تكن راضية عن الاوضاع السائدة، على ضوء الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الاولى، وانتشار القلق والخوف، وغياب اليقين، وسقوط مقولات الحقائق الثابتة، وتداعي منظومة الافكار والاخلاق التقليدية المحافظة، وتراجع القيم الفنية الكلاسيكية، وبروز روح التمرد الفردي، والانشغال في البحث عن حلول لأزمات الانسان والتعبير عنها في الثورة لا في وعود الميتافيزيقيا، وأخذت تدعو الى نشر أفكار جديدة في الفن والادب والفلسفة والعمارة وغيرها، فكانت هذه الاتجاهات الفكرية بمثابة نذر الدعوة الى عمارة جديدة تعبر عن روح الحداثة، ليس في أوروبا وحدها، ولكن في العالم أجمع.



ويرى بعض المؤرخين بأن تطور العمارة المعاصرة مرتبط بمشروع التحديث والتنوير، وقد تطور الطراز الحديث بحسب رأيهم نتيجة للثورات الاجتماعية والسياسية. بينما يرى البعض الاخر بأنها تطورت أساساً بسبب التطورات التقنية والهندسية، كما أن توفر مواد جديدة للبناء، مثل الفولاذ والحديد والزجاج، أسهم في اختراع تقنيات بناء جديدة. كما عدّ بعض المؤرخين الحداثة مسألة ردة فعل ضد الطراز المفرط في الاناقة والزخرفة للعهد الفيكتوري.


وسعى الرواد من المعماريين الحداثيين الى ايجاد طراز جديد يعبر عن النظام الاجتماعي والاقتصادي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى، وذلك بالتركيز على احتياجات الطبقتين العاملة والوسطى. وقد رفضوا فكرة تطوير الطرز التاريخية والتي خدمت النظام الارستقراطي المتداعي.


كان المنهج الذي سار عليه الحداثيون يقوم على اعتبار المباني أشكالا أو كتلاً مجردة وازالة كل الاشارات التاريخية والزخرفية لصالح التفاصيل الوظيفية. وصارت المباني تظهر هيكلها الانشائي وجسور الحديد والاسطح الخرسانية بدلاً من تخبئتها خلف أشكال تقليدية. وقد صارت هذه العناصر ذاتها محل اعتبار جمالي. ومع حلول عشرينيات القرن العشرين كانت هناك أربعة أسماء معمارية قد حققت شهرة واسعة هي لو كوربوزيه في فرنسا، ولودفيغ ميس فان دي روهي وولتر غروبيس في ألمانيا، وفرانك لويد رايت في أمريكا. ترك رايت الذي نادى بأن تكون العمارة جزءا عضويا من البيئة تأثيراً كبيراً على دي روهي وغروبيوس. وصرح غروبيوس بأن رسومات رايت كانت الكتاب المقدس الذي استمد منه أفكاره.


في العام 1932 أقيم معرض مهم هو المعرض الدولي للعمارة الحديثة. وظهر فيه وجود اتجاهات معمارية متشابهة من حيث الطراز ولها هدف عام مشترك. قام المعماريان هنري هيتشكوك وفيليب جونسون بجمعها تحت طراز واحد أطلقا عليه اسم "الطراز الدولي" في كتاب مشترك حددا فيه خصائص وسمات الحداثة على مستوى العالم، والتي كان الطراز الدولي أحد أبرز صفاتها.


بدأ المعماريون يتجهون الى الخطوط الهندسية المستقيمة وينزعون الى بساطة الشكل، وأصبحت المخططات وظيفية ومنطقية وسهلة. وهكذا انتشرت عمارة الحداثة التي صارت تعبر عنها ناطحات السحاب. ومن أشهر الامثلة على ذلك مبنى الامم المتحدة في نيويورك الذي صممه لوكوربوزيه.


تعكس فلسفة لوكوربوزيه بعض أهم ملامح التوجهات الفكرية للحداثة المعمارية. يعد لو كوربوزيه Le Corbusier أشهر معماري في القرن العشرين على الاطلاق. وقد امتد تأثيره الطاغي الى فلسفة تخطيط المدن أيضا. بلغت شهرته حدا جعلت بلده الاصلي سويسرا تضع صورته على عملتها. كما أشاد به الرئيس ليندون جونسون الذي قال إنه كان له تأثير عالمي واضح في العمارة.


كما وصف الاتحاد السوفياتي موته في العام 1965 بأن "العمارة الحديثة فقدت بموته سيدها". صمم لوكوربوزيه الكثير من المعالم المعمارية الحديثة في كافة أنحاء العالم من الولايات المتحدة الى الهند الى روسيا الى أمريكا الجنوبية، ومنها مدينة الجمباز في بغداد. ومن أشهر أعماله فيلا سافوي في فرنسا، والمباني الحكومية الكبرى في شانديغراه في مقاطعة البنجاب في الهند. وقد عمل لوكوربوزيه جاهدا من خلال أفكاره المعمارية على توفير ظروف معيشية أفضل لسكان المدن المكتظة، وخاصة الاحياء الشعبية، فإهمال مسألة البناء برأيه يمكن أن يؤدي الى مشكلات اجتماعية وقلاقل، فكأن الامر "اختيار بين العمارة أو الثورة".


توصل لوكوربوزيه الى وضع مخططات لمدينة سماها مدينة الاشعاع. واهتم بالتناسق والانسجام كمكونات أساسية في فلسفة تصاميمه، ورفض أي شكل من اشكال الزخرفة، وخاصة المباني الضخمة ذات التماثيل المنحوتة التي تزينها.


كان لوكوربوزيه في نظر أتباعه نبياً لا ينازع، رغم أن نقاده قالوا إنه كان مغرماً بالصروح المعمارية والتماثيل الضخمة بلا روح. ولكن مع بزوغ الخمسينيات بدأت تظهر المقالات الناقدة لاعماله.


عمارة ما بعد الحداثة:
يشير المصطلح الى طراز العمارة الذي بدأ يظهر للوجود منذ بداية خمسينيات القرن العشرين والذي ما يزال تأثيره مستمراً حتى اليوم. وقد ظهرت عمارة ما بعد الحداثة في رد على الرسمية التي كان يتسم بها الطراز الدولي، الذي بدأ بالتراجع على إثر النقد الذي وجه له من أنه عالمي بلا هوية وموجه للنخبة. كتب المعماري السويسري سيجفريد غيديون في مقدمة كتابه "الفراغ والزمن والعمارة" في العام 1961: "في الوقت الراهن هناك ارتباك قائم في العمارة المعاصرة، مثلما هو الحال في الرسم، نوع من التوقف، أو نوع من الانهاك".


كما ناقش مؤتمر عقد في العام نفسه في متحف ميتروبوليتان للفن السؤال التالي: العمارة الحديثة: موت أم تحول؟ وقد تحول الانقلاب على هذا المذهب الى واقع من خلال الجدل الذي ثار حول مبنى (بان أم) الذي بني فوق المحطة المركزية الكبرى في نيويورك. وقد كان النقد يدور حول فكرة أن المبنى قد دمر نسق شارع بارك أفينيو. تطورت عمارة ما بعد الحداثة كرد فعل ضد تزمت الحداثة. لقد تم استبدال الاشكال والسطوح الوظيفية الرسمية لحركة الحداثة بالخطوط الدائرية والمنحنية والمائلة ذات الاضافات الجمالية الحركية والرمزية واللونية والتاريخية مع المحافظة على الوظيفية. وتعزز انتصار عمارة ما بعد الحداثة في الثمانينيات.


من الامثلة المعمارية المعروفة على عمارة ما بعد الحداثة بناية سيجرام في نيويورك التي أقيمت سنة 1958 وتعتبر أحد أجمل الامثلة على الوظيفية الجمالية، ومن الامثلة المشهورة بناية بورتلاند في ولاية أوريجون ذات الواجهة التي تتسم بالخطوط الرأسية والافقية والنوافذ العديدة المتناظرة.


تيارات الحداثة المعمارية وما بعدها:
العمارة المستقبلية:
بدأت العمارة المستقبلية مبكرا مع مطلع القرن العشرين كنموذج يتصف بمعاداة أية توظيفات او اشارت تاريخية في المباني واستخدام خطوط أفقية طويلة تدل على السرعة والحركة والفورية. ركز المستقبليون على توظيف التقنية في البناء. أسس الحركة الشاعر الايطالي فيليبو مارينيتي المولود في الاسكندرية الذي نشر بيانه الاول في العام 1909، وقد جذبت الحركة شعراء وموسيقيين وفنانين ومعماريين مثل أنطونيو سانتا ايليا الذي حول المستقبلية الى طراز يتصف بالجرأة في التجريب.


العمارة التعبيرية:
تطورت في شمال أوروبا خلال العقود الاولى من القرن العشرين بموازاة تطور الفنون البصرية والادائية التعبيرية. واتسم هذا الطراز بالتوظيف الحداثي للمواد الجديدة، والابتكار المتعلق بالشكل، والكتل الضخمة المستوحاة من ظواهر طبيعية. لقد قاتل عدد من معماريي التعبيرية في الحرب العالمية الاولى، فأدت تجاربهم الشخصية اضافة الى الاضطرابات السياسية والتغيرات الاجتماعية الى بروز نظرة مثالية وتوجهات رومانتيكية. حدّت الظروف الاقتصادية السيئة بسبب الحرب كثيرا من التوسع في بناء المباني العامة خلال الفترة 1914 و1920، مما أدى أن يبقى الكثير من المشاريع التعبيرية مجرد رسومات على الورق. ومع مجيء النازية في اوائل الثلاثينيات فقد تم حظرها، وبدأ أغلب روادها بالتحول عنها آنذاك بسبب الحدة العاطفية فيها.

مدرسة باهاوس:
كان لها تأثير واضح في عمارة الحداثة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وقد جمعت بين الحرف والفنون الجميلة واشتهرت بتعليم التصميم. استمرت المدرسة التي اسسها والتر غروبيوس في ألمانيا بين عامي 1919 و1933. كانت الهزيمة في الحرب العالمية الاولى، وسقوط الملكية الالمانية، والغاء الرقابة تحت التوجهات الحرة الجديدة، العوامل التي أعطت قوة للتجريب في الفنون المختلفة. وهكذا صار طراز باهاوس يتسم بغياب الزخرفة وبالانسجام بين وظيفة المبنى وبين تصميمه. تم في العام 1933 اغلاق المدرسة بضغط من النظام النازي وملاحقة رموزها.


غادر غروبيوس الى الولايات المتحدة، وأخذ يدرس التصميم في هارفارد. وقد بقيت أفكار المدرسة مستمرة هناك حتى العام 1968. كانت باهاوس تهدف الى قيام طراز عالمي يركز على التصميم والتقنية والمواد الصناعية والوظيفية والغاء مظاهر الزخرفة.


عمارة غوغي:
يشير الاسم الذي اشتقه الكاتب وليم جبسون في احدى قصصه الى نوع من العمارة التي تأثرت بدخول عصر الفضاء وثقافة السيارة والحركة، ويمزج بين السطوح الحادة والمستديرة. وقد ظهرت هذه المدرسة في كاليفورنيا في الاربعينيات واستمرت حتى منتصف الستينيات. ركزت عمارة غوغي على الاشكال المعلقة والحادة والاسطح المنحنية والاستخدام الجريء للزجاج والفولاذ وغاز النيون، وقد ظهر ذلك في بناء الفنادق والمطاعم والصالات في تلك الفترة وقد جسدت روح العصر من خلال الاشكال والتقنية والمواد المستخدمة.


عمارة الاقليم:
يمثل مبنى دار الاوبرا الشهير على حافة خليج سيدني الذي صممه المعماري الدنماركي يورن اوتزون أحد اشهر الامثلة على عمارة تستلهم روح المكان أو المنطقة وخصوصيتها وتعكسها في الشكل والسطوح الخارجية على نحو رمزي يعطي للمكان روحا معمارية تعبر عنه. تستلهم دار الاوبرا في عمارتها شكل الحلزونة الموجودة على الشاطىء. تمثل عمارة الاقليم ردا على غياب هوية المكان أو معنى شكل المبنى في عمارة الحداثة. وقد اشتق الاسم المعماري اليوناني تسونيس وزميله ليفيفر المتخصص في دراسة تاريخ العمارة ومكوناتها. ولكنه اكتسب شهرة على يد المعماري والناقد البريطاني كينيث فرامبتون.


العمارة البنائية:
ازدهرت في الاتحاد السوفياتي في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات. وقد جمعت بين التقنية والغرض الشيوعي الاجتماعي وقد استمرت حتى العام 1932. شكلت المسابقة التي أقيمت لبناء قصر السوفييت، وهو مشروع ضخم أقيم لمنافسة مبنى الامبير ستيت في الولايات المتحدة، حدثاً مهما في تاريخ العمارة السوفيتية. وقد رافق ذلك نقد شديد للحداثة وخاصة في بلد زراعي مثل الاتحاد السوفياتي. وقد شكل المشروع الفائز للمعماري بوريس ايوفان بداية مرحلة جديدة تعكس الابعاد التاريخية لما عرف بالعمارة الستالينية، حيث اتهم المعماريون الحداثيون بالافراط في العمارة ذات الملامح العالمية و"البشاعة واللاانسانية". أخذ هذا الاتجاه بالتركيز على الاشارات والرموز التاريخية واقامة مباني الاسكانات الجماعية.


آرت ديكو:
حركة تصميم فنية عالمية ظهرت خلال الفترة ما بين منتصف العشرينيات والاربعينيات، وكانت تركز على الاشكال الهندسية الرياضية، واستخدام تماثيل ومنحوتات من الاثار والرموز التاريخية المكتشفة حديثاً من أماكن مختلفة مثل افريقيا. تمتاز المباني التي بنيت بتأثير منها بوجود زخارف ملونة أو مجسمات على أضلاعها الرأسية العالية، كأن تجد مجسمات فرعونية على الاعمدة الرأسية التي تشكل مدخل البناء، أو رموزاً بابلية أو آشورية، مع بقاء الاهتمام بالجانب الوظيفي للمبنى. امتد تأثير الحركة الى الهند والفلبين وأندونيسيا واسبانيا والارجنتين والبرازيل واستراليا. شهدت الحركة تراجعاً في أوائل الاربعينيات. وعاد الاهتمام بها يتجدد مرة أخرى مع نشوء تصميم الغرافيك في الثمانينيات.


مدرسة شيكاغو للعمارة:
انتشر طراز معماري على مستوى العالم في نهاية القرن التاسع عشر عرف باسم الطراز التجاري، والذي يشار اليه باسم مدرسة شيكاغو الاولى للعمارة. كانت من أوائل من دعا الى استخدام تقنية الانشاء باستخدام هياكل الفولاذ في المباني التجارية، وادخال المساحات الزجاجية العريضة. ومن هنا نشأت فكرة "نافذة شيكاغو" وهي نافذة من ثلاثة أجزاء: جزء مركزي زجاجي كبير محاط بشباكين أقل حجما.


مدرسة شيكاغو الثانية: ظهرت في ستينيات القرن العشرين ووظفت مبدأ البناء باستخدام الابعاد الثلاثية مختلفة الارتفاعات، التي أطلق عليها اسم عمارة الانبوب، حيث تتكون من ثلاث أو أربع كتل معمارية. ابتكر الاسم المعماري فضل الرحمن خان الذي كان يعمل في مكتب للتصميم في شيكاغو في العام 1963، ويشار الى الافكار التي وضعها خان باسم مدرسة شيكاغو الثانية، واشتهرت ببناء ناطحات السحاب مثل برج ويليس الذي اكتمل بناؤه في العام 1973 وكان أطول بناية في العالم حتى العام 1998.


الواقعية الاشتراكية:
طراز من الفن الواقعي والذي وجده غايته في نشر أهداف الاشتراكية. كانت الى حد ما ردة فعل ضد الطرز البرجوازية "البائدة". أصبحت الواقعية الاشتراكية الطراز المعتمد للاتحاد السوفياتي في عام 1932 وقد تمت معاقبة الفنانين والادباء الذين خرجوا عن الخط الرسمي أو غردوا خارج السرب.


رفض بعض أعضاء الحزب الشيوعي بعض الطرز الفنية والمذاهب الفكرية مثل الانطباعية والتكعيبية لكونها ظهرت قبل الثورة وبالتالي فقد ارتبطت بـ"الفن البرجوازي".


ركزت المنشآت التي أقيمت على التعبير عن أهمية العمال والفلاحين والجنود وبطولاتهم في اطار الثورة. ومن الاعمال المعروفة قصر الثقافة والعلوم في وارسو في بولندا، ومركز المعرض الفني لعموم السوفييت في موسكو.


على طريق عمارة عربية حداثية:
ظهر منذ أوائل القرن العشرين عدد قليل من المعماريين العرب المتميزين الذين اسهموا في التمهيد لظهور عمارة عربية حداثية جديدة. فقد ظهر حسن فتحي شيخ المعماريين العرب، الذي وُلد في الاسكندرية بمصر في العام 1900. وترجع أهميته إلى كونه أول من دعا الى استخدام مبادىء العمارة المحلية وبمواد رخيصة لاقامة قرى للفقراء ذات طابع مصري ريفي خلال الاربعينيات والخمسينيات وطبقها عملياً.


نفذ أول مشروع استخدم الطين في بنائه وبسببه اتجه إلى اكتشاف تقنيات البناء النوبية لإنشاء القبة والقبو. وفي العام 1948 نفذ أحد أبرز مشاريعه وهو تصميم وإقامة قرية القرنة على هذه المبادىء التي رواها في كتابه "عمارة الفقراء". فاز حسن فتحي بعدة جوائز معمارية عالمية مثل الميدالية الذهبية لاتحاد المعماريين الدولي وجائزة الآغا خان للعمارة الاسلامية. وما تزال نظرياته تُدرس في كليات العمارة في جامعات العالم المختلفة.


وفي العراق برز رفعت الجادرجي الذي كان يعد أشهر معماريي العراق وفنانيه في العصر الحديث. مزج بين العمارة الحديثة وتوظيف النحت والاشكال التجريدية ومواد البناء المحلية. صمم عدداً من الاعمال المعروفة مثل نصب الجندي المجهول في الستينيات في ساحة الفردوس.


استخدم الجادرجي عناصر عراقية محلية تقليدية واسلامية ضمن المباني التي تأثر فيها بخصائص عمارة الحداثة، فأدخل استخدام المشربيات والشناشيل والطابوق العراقي. حصل على جائزة الآغا خان في العام 1986.


ولكن الاسم الابرز عالمياً هو المعمارية العراقية زها حديد. وهي من أشهر المعماريين على مستوى العالم هذه الايام في تبني العمارة الحداثية الجريئة. ولدت في العام 1950 في بغداد ودرست في الجامعة الامريكية في بيروت وفي الجمعية البريطانية للمعماريين وتقيم بشكل دائم في بريطانيا. نالت زها قبل عدة سنوات جائزة بريتزكر التي تعد أرفع الأوسمة المعمارية العالمية التي تكافىء جائزة نوبل، وتحظى باحترام واسع بين معماريي العالم أمثال كنزو تانغي الياباني.


تمتاز عمارة زها بتوظيف التجريد والبعد عن الأشكال التراثية التقليدية، أو العناصر العربية الاسلامية كما هو الحال لدى أغلب المعماريين العرب. ومن أعمالها فوزها بمسابقة لتصميم ناد في كاولوون في هونغ كونغ في العام 1982، ومشروعها الجرىء المثير للجدل مرسى السفن في باليرمو في صقلية 1999، ومتحف الفنون الإسلامية في الدوحة.


ولا بد أن نتوقف عند جعفر طوقان، وهو من أشهر معماريي الحداثة في الاردن والعالم العربي. كانت انطلاقته من بيروت حين صمم مسجد عائشة بكار في العام 1970 بطريقة غير تقليدية في بناء المساجد.


له عدد من المشاريع المعروفة في الاردن والعالم العربي، وقد تعاون مع الياباني كنزو تانغي لتصميم جامعة العلوم والتكنولوجيا في الاردن. كما صمم قرى الاطفال SOS في العقبة، ومبنى بنك الاردن في الشميساني، وضريح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله. نال جائزة الآغا خان في العام 1999، وجائزة منظمة المدن العربية للمعماريين العرب عن مبنى قاعة المدينة التابع لأمانة عمان في العام 2002.


وختاماً، لا بد من الاشارة الى راسم بدران، أحد أبرز المعماريين الاردنيين والعرب حالياً حيث يمزج في عمارته التراث الذي يوفر إطاراً للهوية مع التجديد في توظيف المساحات والفراغ والاشكال ضمن المحافظة على روح العمارة العربية الإسلامية. نال جائزة الآغا خان على أحد أعماله المهمة وهو مشروع قصر الحكم بالرياض. ومن أعماله المشهورة المكتبة الحسينية في جامعة اليرموك في اربد، ومبنى أمانة عمان الكبرى بالاشتراك مع جعفر طوقان، وجامع الدولة الكبير في بغداد.

* الصورة أعلاه لمشروع مبنى الواجهة المائية في Regium في ايطاليا من تصميم المهندسة العراقية البريطانية زها حديد

* نشرت المقالة في الملحق الثقافي بجريدة الرأي الاردنية ليوم الجمعة بتاريخ 18/6/2010
رابط المقالة في صحيفة الرأي

رابط الصفحة الكاملة pdf




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق