الجمعة، يونيو 27

أشجار لا تنحني


أشجار لا تنحني

وقفة مع الشاعر بديع رباح


بقلم إياد نصـار

في شعره تلمس روح التحدي وعبق الارض المجبول بالدم والسير على الجمر في سبيل الحلم القادم . وتستشعر هذا المزج الرائع بين الهم العام والخاص في بوتقة انسانية يتبدّى منها الحنين اللامتناهي للارض والاصرار على الحياة. ولم تغب فلسطين عن رؤيته الشعرية منذ البداية، بل انها لعبت دورا كبيرا حاضرا في كل مرحلة من مراحل تجربته. لقد اكتملت عناصر الابداع الفني للشاعر بديع رباح من خلال مسيرته الادبية والعملية . ولد عام 1952 وحصل على بكالورويس في اللغة العربية عام 1977 وعمل في الصحافة الادبية ومارس التعليم. وقد ساهم التحاقه بالعمل الوطني الفلسطيني واغترابه للعمل في مدرسة أبناء شهداء فلسطين في لبنان واليمن كثيرا في أن تتفتح عيناه مبكرا على المأساة. ولهذا تجد الهم الوطني الفلسطيني حاضرا في أغلب دواوينه. كما عرف الاغتراب في الولايات المتحدة حيث عمل محررا في الصحافة الادبية هناك.

أصدر الشاعر ثلاثة دواوين مطبوعة هي قلب يمشي على الجمر ، وديوان حب ووفاء ، وآخرها ديوان أشجار لا تنحني الذي صدر عام 2007 . وهو يعد لاصدار ديوان جديد بعنوان جراح تتحدى الزمن. كما أن له مساهمات في القصة القصيرة.

يستوقفك في شعره امساكه الرائع بزمام اللغة حيث يطوعها في عبارة شعرية موسيقية رشيقة، وهو يتناول كثيرا من القضايا الانسانية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالارض ومعاناة الانسان الفلسطيني، ولكنه يتفاعل مع قضايا الانسان العربي في لبنان والعراق . ويحتل الاردن جانبا من شعره الذي يتبدى فيه الانتماء بأنبل صوره .. وتحتل المدن العربية جانبا كبير من شعره فهو شاعر يعشق الارض ويدافع عن الانسان . فعمان حاضرة في شعره والقدس وبيروت وبغداد وجنين ورام الله فهو ابنها الذي تفيض قصائده عشقا وحنينا لها ، يقول في قصيدة ( أيام في بيروت) :

لا زلت أذكر يا بيروت

أياما قضيناها

يعانق حبنا المعهود

دوماً عالي الشهب ِ

ونكتب في دفاترنا ..

صباح الخير ِ يا شبعا

صباح الخير يا حيفا

صباح الخير يا بئر السبع

يا ريحانة النقبِ ...

وحتى المخيم حاضر في شعره فهو قد صار رمز الشتات الفلسطيني . يقول :

كنت يوما

في المخيم

كل ما حولي

مآسي تتكلم

كما يطرح قضايا ذاتية ولكن في اطار جميل يبدو فيها البعد الفني والجمالي.

وقد أحببت أن أختار له هذه القصيدة الجميلة من ديوانه الاخير والتي أعطت إسمها للديوان ( أشجار لا تنحني) كنموذج على إبداعه الشعري:


أشجار لا تنحني

ظلّوا كأشجارِ الصنوبر

شامخين

عشقوا كأحلى عاشقين

ما همّهم جور الليالي

مطلقاً

أبدا ولا ظلمُ

السنين

لم ينحنوا للريحِ

رغم عتوّها

وتشبثوا بالارض

في غزة

ببنت جبيل

في عيتا

وفي جنين

هم هكذا قالوا:

إذا عشنا

نعيش كما ترى

لن ننحي للغدر

مهما قد جرى

إنا عقدنا العزم

أن لا ننحني

وأن نظل صامدين

فإما ان نذل الخصم

في ساح الوغى

وإما ان نموت

واقفين




هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف4:59 م

    بديع رباح فعلاً شاعر يستحق أن يقرأ إذا كان معظم شعره على الصورة التي انتقيتها فهو شاعر ذو موسيقى محببة الي عدا توصيله لمعنى عميق بكلماته ، أشكرك جداً على هذا العرض والاختيار
    بسام المناصرة

    ردحذف
  2. غير معرف5:49 م

    أستاذ بديع هو معلم للغة العربية في مدرسة المعتصم الحكومية و هوا يدرسيني لهاذا العام 2009-2010
    وهوا أستاذ رائع جداً يعلم من صميم قلبه و أنا أحترمه
    جداً خاصةً أنهوا يدرس في مدرسة المعتصم وهي مدرسة عادية
    جداً.

    عبدالرحمن سعدة

    ردحذف