الاثنين، أغسطس 30

الابداع عمل تنويري يجب الا يتوقف




الابداع عمل تنويري يجب الا يتوقف


مشاركة في حوارية مع صحيفة الدستور


نشرت جريدة الدستور في عددها يوم الاثنين الموافق 30/8/2010 أراء عدد من الكتاب حول قضية مهمة تتمثل في الاجابة  على تساؤلات حول مشروعية توقف الابداع، وفيما اذا كان على المبدع أن يتوقف اذا بلغ ذروة العطاء- رغم أن السؤال ينطوي على افتراض نظري يتعلق بحقيقة إن كان للابداع ذروة واحدة يتوقف بعدها، أم أن المسألة مثل تسلق سلسلة من الجبال الشاهقة، التي كلما وصل المبدع قمة أحدها، التقط أنفاسه، وطمح الى بلوغ القمة التالية الاعلى وهكذا. وفيما يلي مشاركتي في هذه الحوارية:

اياد نصار:

تنضج التجربة الابداعية مع مرور الوقت. وبعكس كثير من النشاطات الانسانية التي ترتبط بالعمر ارتباطاً وثيقاً، بحيث تعارف الناس على سن معينة يبلغ فيها العطاء ذروته كالالعاب الرياضية والموسيقى والغناء، فإن الابداع الادبي لا يرتبط بسن معينة يتوقف عندها، بل يستمر بلا حدود طالما امتلك الانسان الرغبة في البوح، والتعبير عن التجربة، وايصالها الى الاخرين في قوالبها الابداعية المتعارف عليها أدبياً ونقدياً. لقد كتب الروائي الطاهر وطار روايته الحادية عشرة والاخيرة "قصيد في التذلل" في الصيف الماضي وهو في المستشفى وعمره ثلاثة وسبعون عاماً، وجهد في انهائها، رغم مرضه، قبل وفاته بأشهر قليلة ونشرها مسلسلة في جريدة الشروق. لم يكن دافعه الشهرة ولا المال ولا المجد، بقدر ما كان ــ كما قال أمين الريحاني ــ "قل كلمتك وامش". وما تزال العجوز الانجليزية دوريس ليسنغ تكتب رواياتها حتى اليوم، وكانت أكبر الادباء سناً حينما منحت نوبل في العام 2007. من حق المبدع الذي أفنى سني حياته في خدمة الادب والفكر والانسان أن يتمتع بالتكريم والتقدير والدراسة والاستحقاقات المادية لكتبه وجوائزه، وقد يستمر ذلك سنين طويلة وخاصة في مجالات العوائد المالية من حقوق الطبع والنشر، ولكن الابداع يجب ألا يتوقف عن العطاء لأي سبب كان الا استلاب الحرية. أعتبر أن من يتقاعد عن دوره التنويري كمن ينظر الى الابداع نظرة وظيفة رسمية تتوقف عند سن معينة، ليعيش بعدها على الذكريات و"راتب الضمان الابداعي" المتأتي من عوائد النشر والجوائز! ولكن الاديب الذي يفعل ذلك يرسل قلمه الى الموت الاختياري، ويمارس الانتحار الادبي وهو ما زال حياً! ولست مع فتح المنابر مرة تلو الاخرى أمام المبدعين لإعادة عرض بضاعتهم التي مضى عليها عقوداً اذا لم يكن هناك جديد، فالامر عندئذ ليس الا وسيلة للتكسب، واجترار الذكريات، واشعار الجميع بأنه ما زال موجوداً.

* اللوحة أعلاه بعنوان وجوه وملامح واحدة للفنانة نهى أسد - الامارات العربية المتحدة

 رابط الصفحة الكاملة في جريدة الدستور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق