الثلاثاء، يناير 1

أديب عباسي

أديب عباسي
(1997-1905)

أديب عباسي ناسك الادب ومعتزل الناس يعد رائدا بارزاً من رواد الادب والفكر والقصة في الاردن. كان في شبابه غزير الانتاج واسع الاطلاع ومشاركاً بالمساجلات الادبية التي ازدهرت في مصر في الثلث الاول من القرن العشرين. ورغم مخطوطاته العديدة والكثيرة ، الا أنه لم ينشر له في حياته سوى كتاب (عودة لقمان)، حيث نشر أعماله في صورة مقالات في الصحف والمجلات العربية المختلفة. ورغم بيئته الفلاحية القروية الفقيرة التي لم تكن تتوفر على مصادر الثقافة والكتب والنشر، الا أن دراسته في الجامعة الامريكية في بيروت قد فتحت عيونه على الثقافة العربية في مناهلها الاصلية وعلى عالم الثقافة الاجنبية كالانجليزية والذي تبدى في اطلاعه على أعمال شكسبير وشروحاته لبعض نصوصها. كان ذكي العبارة وصاحب آراء متقدمة على عصره. يعد أديب عباسي مثالاً صارخاً على معاناة الاديب الصامد في وجه النكران والاهمال بل ومحاكمته لأنه كان ناشطاً في الكتابة والتأليف! ولم تكن تخلو أحاديثه من مبتكر المفردات فقد وصف ذات يوم ما يعرف بتوارد الافكار او التخاطر الفكري بأن سببه أمواج كهروفكرية!

ولد أديب عودة عباسي في بلدة الحصن القريبة من مدينة اربد في شمال الاردن سنة 1905، ولما اعتزل الحياة لم يخرج من بيته فيها حتى توفي لهذا يطلق عليه أحيانا "ناسك الحصن" أو "راهب الصومعة". تلقّى دراسته الابتدائية والثانوية في الناصرة، ثم تابعها في دار المعلمين في القدس. وقد نال بعثة دراسية لتفوّقه الى الجامعة الأمريكية في بيروت حيث درس الاقتصاد، ثم تحوّل إلى الأدب العربي بسبب أفكاره التي جرت عليه غضب ادارة الجامعة وتحويله من الاقتصاد الى اللغة العربية.

عمل مدرّساً للأدب العربي والفلسفة وعلم النفس في عددٍ من مدارس فلسطين والأردن خلال الفترة 1930-1942. نشر أديب عباسي مقالاته في مجلتي "الرسالة" و"الرواية" اللتين أصدرهما أحمد حسن الزيّات، كما نشر في مجلات "الثقافة" و"الهلال" و"الغد" و"المقتطف" في مصر وشارك كثيرا في المساجلات والمعارضات الادبية التي كانت تتم بين طه حسين وعباس محمود العقاد والمنفلوطي. ونشر أيضا مقالاته في الصحف والمجلات في الأردن وفلسطين.

وبسبب انشغاله بالتأليف والكتابة والنشر فقد إنعقد مجلس تأديبي له بحجة تعارض نشاطاته الأدبية والفكرية مع مهنة التدريس، وقرّر معاقبته بتخفيض راتبه، وإلزامه بالتوّقف عن الكتابة والنشر. فعندها قرر ترك الوظيفة، وانقطع للقراءة والكتابة في بيته الصغير الذي كان يسمى (العقد). عانى الفقر والفاقة في عزلته. وكالعادة في عقلية الثقافة العربية التي لا تلتفت الى الاديب الا بعد مماته، فقد تم تكريمه وتحويل بيته في بلدة الحصن الى متحف يضم أعماله وكتاباته ومقتنياته.

اشهر أعماله كان كتابه المسمى (عودة لقمان) الذي نشره في عمان واشتمل على القصص الرمزية الفلسفية التي جاءت على ألسنة الحيوانات على نحو يذكرنا بقصص الفيلسوف بيديا التي ترجمها ابن المقفع في كتاب كليلة ودمنة. واضافة الى عبارته الرشيقة بالعربية، كان يتقن الانجليزية فكتب الشعر والمقالة والقصّة واهتم بالفكر والفلسفة والترجمة الادبية. كما ألف في الفلك والعلوم، وترك ستةً وتسعين مخطوطاً. توفي على سرير المرض بعد أن عمرّ اثنين وتسعين عاماً عام 1997.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق