الاثنين، يونيو 13

اياد نصار يشارك في ندوة حول الشاعر عمر ابو الهيجاء



نصار: قصائد الشاعر عمر ابو الهيجاء تحمل مفردات الشعر الفلسطيني ورموزه
* نشرت في جريدة الغد يوم الجمعة 3/6/2011

إربد-الغد- رأى نقاد أنَّ قصائد الشاعر عمر أبو الهيجاء تحمِلُ مفردات الشعر الفلسطيني ورموزه وأسماءه وأفعاله التي تكرَّسَت في شعر أهم أعلامه المعاصرين المرتبطة بالمكان والإنسان والفلوكلور والتاريخ، كما أنَّهُ يمتلك شاعرية وأدوات شعرية ورؤى من الفكر الشعري، وإحساسا عاشقا للشعر.


وجاءت تلك القراءة في الندوة التي نظمتها رابطة الكتاب الأردنيين فرع إربد في تجربة أبو الهيجاء أول من أمس، وتحدث فيها النقاد د. راشد عيسى، القاص إياد نصار، وأدارها د. مصلح النجار.

استعرَضَ نصار تجربة أبو الهيجاء التي تمتد عبر عشرين عاماً بدأها العام 1989 بديوان "خيول الدم" الذي صدر عن دار ابن رشد في عمان، ومنذ البدء تبدو القضية الفلسطينية بكل تجلياتها وأبعادها وانكساراتِها وآلامها حاضرةً في ديوانه كما في دواوينه الاخرى، بل تكاد تكون هي المحورُ الذي تنتظم حولَه معظمُ قصائدِ الديوان.

ورأى نصار أن الذات تبرز رغبة الشاعر -التي لا تخلو من إحساس بالحزن واليأس ـ في التعبير عن رؤاه وأحلامِه، ولكنّ الكلماتِ تعبت منه، واستوطنت توابيتَ الكتب المركونة، وتركت قلبَه المعنّى يقاسي بحثاً عن لغة أخرى للتعبير عن كوامن نفسه، ولكن لا تفقسُ اللغةُ غيرَ الإجابات المريضة.

تستحضرُ القصيدةُ الجميلة، وفق نصار، ذاتُ النَفَس الطويل وذاتُ البعد التاريخي "الملحمي" التي تصبح "سطراً من الملاحم على تراب راس العين" والمسماة "تعبت مني"، تستحضر وككثير من القصائد في هذا الديوان، ذكرياتِ المكان وأوجاعِه، فرأس العين إشارةٌ تاريخيةٌ الى بدايةِ ولادة عمان كمدينةٍ احتضنت المهاجرين والمنفيين في مستهل القرن العشرين وما تلاه.

ولفت إلى أن تلك القصيدة تسعى إلى التأكيد على الإحساس بالمرارةِ برغم براءة الرؤية الشعرية التي تفيض بالإلهام والدهشة. واعتبر نصار ان قصيدة "تعبت مني" من أهم القصائد التي يشتمل عليها الديوان والتي تتجلى فيها ملامحُ بناءٍ شعري متكاملٍ يعكس عالمَ ابو الهيجاء الفني واللغةَ ذاتَ الانزياحات الحداثية المتواصلة التي طورها عبر تجربتِه الطويلة، ويقدمُ فيها مقوماتِ الرؤية الشعرية التي تعكسها أعمالُه.

وتتضمنُ تلك القصيدة، بحسب نصار تسعَ مقدماتٍ لتسعِ فواصلَ شعريةٍ متسلسلةٍ مترابطةٍ تستخدمُ لغةَ الحكاية الفلكلورية والمناجاةَ والأغانيَ الشعبية الفلسطينيةَ الطفولية. وتظل المقدماتُ التسعُ التي تلخص تجربةَ الشاعر وذكرياتِه واحتراقَه ومعاناتَه مع الواقع والتاريخ واشتراطاتِ اللغة في سبيل تقديم حلمه الشعري المتفرد الذي يتسامى فوقَ المكرور تردد عبارةً أعطت القصيدةَ اسمَها "تعبتُ مني".

من جانبه، قال عيسى إنَّ مسألة الشعر تعود إلى مدى إخلاص الشاعر لتنامي تجربته وتخصيبها دائما، ومدى نجاحه في صناعة خصوصية جمالية في شعره، رائيا أن من العيب أبدا أن يتوقف شاعر عن الشعر من الشعراء مدة عامين أو خمسة أو عشرة ليراجع منجزه ويتفقد درجات سلّمه الإبداعي إخلاصا لتجربته واحتراما لعبقرية الشعر نفسه.

ويعتقد راشد أنَّ أبو الهيجاء يمتلك شاعرية وأدوات شعرية ورؤى من الفكر الشعوري ويملك إحساسا عاشقا للشعر، لكنه غير منتبه بما يكفي لمسألة البحث عن تفرّد فني جمالي في شعره، لكأنه يدخل بيت القصيدة قبل أن يتحقق من كفاية الحجرات والأثاث والأبواب والنوافذ، يدخل باندفاعة المحب الهائم وليس بيقظة العاشق الحذر الموسوس والمتكهّن الخنّاس. والشعر العظيم، وفق راشد، لا يلزمه حسن النوايا ودفق المشاعر وانهيالات اللغة، يلزمه قدرة فائقة على الشعوذة اللغوية والتخييل النشط المجاوز للمألوف.

وأكد أن أبو الهيجاء لا تنقصه الموهبة الشعرية والتخيل ولا الرؤى الفكرية، لكن ينقصه تقييم ذاتي لمنجزه، وخروج ذكي جسور على أنماط شعرية يفتتن بها ويوازيها ويعيش في ظلالها.

ونوه راشد إلى أن قصيدة النثر ما زالت تبحث عن شرعيتها بسبب ندرة النماذج العالية منها، معتقدا أنَّ على أبو الهيجاء إعادة حساباته مع معمار قصيدته، وقال "الشعر ليس شيئا يقال إنما طريقة يقال بها، ولا أحسب عمر بعاجز عن أن يبتدع لثوب قصيدته قماشا مختلفا، لكنه متباطئ في البحث عن الإبرة والخيط الجديدين لنص شعري يفتن القارئ العادي ويوقع القارئ الخاص في الذهول".

ورأى ان شعر أبو الهيجاء يقع في منتصف الشجرة في أعلى الجذع وبداية تسامق الأغصان، مبينا أنَّ ما أنجزه عمر من مجموعات شعرية يؤكد شاعريته، ويكشف عن قدرات فنية كامنة قادرة على تحقيق تجاوز جماليّ يلفت الإنتباه ويتجاوز المألوف.

وخلص إلى أن الشعر الناجح أو لشهرة قصيدة ما أقدار لا يمكن توقعها أو الاطمئنان إليها فما يحسبه الشاعر قصيدة متميزة قد تمر على الجمهور العام والخاص بلا أدنى اهتمام، وفي الوقت نفسه قد تشتهر قصيدة متواضعة فنيا شهرة تفوق التصور.

رابط الموضوع بجريدة الغد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق