نصار وخواجا يتناوبان القص في أمسية نظمتها لهما رابطة الكتاب
* نشرت في جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 18/6/2011
عمان- محمد جميل خضر - «الكتاب السرّي»، «مع وقف التنفيذ»، «العروس» و»في يده ملاك»، أربع قصص، قرأها على التناوب القاصان إياد نصار وعمر الخواجا، في أمسية قصصية نظمتها لهما مساء الأربعاء الماضي رابطة الكتاب الأردنيين في مقرها الشميسانيّ، وسط ارتفاع في وتيرة نشاطاتها على أبواب انتخاباتها الدورية مطالع تموز المقبل.
وعلى عكس التصاعد الوتيري الإيقاعي المنتظر في جل الأشياء، أو معظمها على الأقل، بدأت الأمسية التي تابعها صداقة، أو التزاماً تيّارياً (نسبة إلى تياريّ القدس والتجمع في الرابطة)، أو اهتماماً إبداعياً زهاء 30 شخصاً، حيوية، حاملة مؤشرات تفاعل، مع القصة الأولى لنصار، والأولى كذلك للخواجا، قبل أن يفتر الإيقاع، وترتخي روافع التلقي، في الجولة الثانية والأخيرة للأمسية القصصية المنضوية في إطار أدب إبداعي نثري، حظّه من الإلقاء، ودوزنة اللحظة القابضة على مجسات الاستماع، قليل، بل لعله في أحايين كثيرة قليل جداً.
«خليل في السابعة عشرة وأنا في الرابعة عشرة. لكنه المدلل بيننا. لا أعرف لماذا يحظى بهذا الدلال؟ نحن سبعة أخوة وأخوات. لكن أبي يفضله في المعاملة علينا، رغم أنه نادراً ما يساعده في الفرن. يستطيع خليل الخروج من الفرن في أي وقت يشاء. لا يرد له طلباً، وأمي تحنو عليه وتدلّله أكثر منا. أبي يقول إنه ولي العهد ورجل البيت في غيابه. ولكني لا أسكت. يحاول أن يفرض زعامته علينا فأعارضه. صرت كثير المشاغبة والجدال! لا تعارض أخواتي وأمي تصرفاته كأنه سيد البيت. ولكن إحساسي يأبى ذلك. لماذا لا أكون أنا رجل البيت؟ أنا أمهر منه في شغل الفرن، وفي استيعاب الزبائن الغاضبين كما يقول أبي دائماً»، يحمل الاقتباس السابق من قصة «الكتاب السري» لنصّار، إشارات عديدة، ليس أكثرها أهمية لغة السرد التي يعتمدها صاحب مجموعة «أشياء في الذاكرة» الصادرة العام 2008 عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان، إنها في المجمل إشارات وشواهد لعلها مهمة على طريق حامل درجة بكالوريوس اللغة الانجليزية وآدابها مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة اليرموك بطعم الهندسة المعمارية من جامعة العلوم والتكنولوجيا التي درسها فيها أربعة أعوام متواصلة قبل أن يعود إلى عشقه القديم الأدب بمختلف لغاته، وعلى طريق خياراته الإبداعية: الفرن، الابن الوسط في عائلة غزيرة الإنجاب، السر الكامن في مكان سريّ، هاجس تحقيق الذات من خلال أشياء قد يأكلها العفن والدود وزواحف الأرض جميعها!
في قصة «الكتاب السري» الجديدة لنصار وغير المنشورة في واحدة من مجموعتيْه السابقتيْن، إضافة لأمانة واقعية وصفية ملتسقة بالمحيط ومخلصة لتفاصيله، نّفّس تمرد بيّن، متجاوز في قفلته على التابو، وإنْ في إطار التجاوز الممكن والمحتمل، مع إصرار القاص على عدم الإفصاح عن هوية الكتاب السرّي.
في تواصل قراءة الجزء المخصص لنصار من الأمسية الرابطية، فإن قصة «العروس» وقعت في كثير من مفاصلها ضحية الميلودراما، والركون إلى العادية المتعلقة بأحداث يومية يحذّر منها العموم، حول سرقة بطاقة الصرّاف الآلي، أو بطاقة الشراء لدى بنك أو مصرف ما، وحول تقلص أحلام الناس، وضياع بهجة العرس والعريس والعروس وسط زحمة الأعباء وتدافع الأنواء.
فكرة القصة الأولى «مع وقف التنفيذ» للقاص عمر الخواجا، في الأمسية التي أدارها الشاعر سليم صبّاح، وعلى عكس قصته الثانية «في يده ملاك»، حَمَلَت طرافة معقولة، عندما يتحوّل الفانوس السحري المرتبط في ذاكرة الناس ووجدانهم ومخيلتهم الشعبية، بالفرج، وإمكانية تحقيقهم أحلامهم المؤجلة، إلى نحس وقدر بائس لا فكاك منه. الخواجا وظّف الفكرة لاستعراض بؤس الواقع المعاش، واستفاض في شرح ووصف معيقات التحرر، وأسباب النكوص، وإنْ بلغة تقريرية، موجّهة، لم تفلح قصديتها بالتواري أمام دهشة المفارقة المفترضة. سرد طويل قفز فيه الخواجا غير مرة، إلى حوار انتقل بالقصة إلى فصول مسرحية تروي حال رجل لازمه حظه العاثر، وظل يحاور جن مصباح علاء الدين.
القصتان اللتان قرأهما الخواجا عضو رابطة الكتاب الأردنيين، كانتا من مجموعته القصصية «هي لعبة ولكن» الصادرة في العام 2010 بدعم من وزارة الثقافة بمناسبة الزرقاء مدينة للثقافة العربية، حيث تجيء قصة «مع وقف التنفيذ»، كقصة أولى في المجموعة، و»في يده ملاك» السابعة.
رابط الموضوع بجريدة الرأي
رابط الصفحة الكاملة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق