الجمعة، أبريل 8

حوار مع جريدة الغد

قاص يجد أنَّ القصة لديها من الحيوية ما يجعلها قابلة للتجاوب مع التجريب

نصار: ازدهار الرواية ليس حقيقة دائمة أو ثابتة

حوار في جريدة الغد يوم الجمعة 8/4/2011 (رابط الحوار)

نصار: أسعى لتجسيد أزمات الإنسان العربي الحالية ومواكبة مشكلاته-

عمان- كتب جمال القيسي - استطاع القاص والناقد اياد نصار رغم مشواره الأدبي القصير، انجاز الكثير على صعيد القصة القصيرة، حيثُ صدرت له مجموعتان قصصيتان هما "أشياء في الذاكرة" 2008، و"قليل من الحظ" 2010، وهناك مجموعة ثالثة له قيد الطبع.

ورغم انتمائه إلى الجيل الجديد الذي برَزَ في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أنه "بدأ مشواره مع القصة القصيرة منذ خمسة وعشرين عاماً، ببدايات قليلة مبكرة توقفت لفترة طويلة من الزمن، "كما لو أنه دخل في بيات شتوي طويل".

يقولُ نصار إنَّهُ يشعرُ بالحسرة على سنين عمره الضائعة بعيداً عن لذَّة كتابة القصة، إلا أنَّه يعتبرُ مشاركته في ملتقى القصة القصيرة الذي أقامته أمانة عمان الكبرى في العام الماضي "اعترافاً بحضوره على الساحة الأردنية".

ويعلن نصار عشقه للقصة التي يستمد منها الاحساس الشفيف بروعة فضائلها الفنية، من حيث أنها "عالم يعيد اليّ صفاء الاحساس ونبل التعاطف مع الانسان الذي يرزح تحت وطأة خيباته وانكسار أحلامه"، لافتا إلى أنَّ ذلك "يُجدِّدُ انتمائي إلى الإنسانية التي ترى في الفنِّ والإبداع خلاصاً، ومحاوَلةً جادَّةً لفهم قضايا الانسان المعاصر".

ويُتابِعُ انَّهُ يسعى دائماً إلى "تجسيد أزمات الانسان العربي الحالية، ومواكبة مشكلاته في إطار فني قادر على اثارة التفاعل مع القارئ وتقديم الجديد من خلال الغوص في المربعات التي تقبع في الظل والقضايا المستجدة غير المطروقة".

ويعتقدُ أنَّه ليس هناك من "وقت متأخر أبدا للابداع أو للنشر، فحينما تنضج الرغبة وتفور، لن يمنعها شيء من الخروج والمشاركة والاعلان عن نفسها، يستطيع الكاتب أن يتلمس بوادرها وأن يهيئ لها الظروف لتبرز، وعليه ساعتها أن يقبض عليها كي لا تضيع اللحظة، وهي ما نسميه لحظة الكشف والالهام والرؤيا".

ويكشف عن أمر أصدقاء له يكتبون بشكل جميل ويرغبون في النشر،"ولكنهم لا يعرفون كيف يدخلون هذا العالم الغامض، ويعتقدون أنَّ إنجازَ كتاب يحتاجُ إلى معجزة، وحلم بعيد المنال، لافتا إلى تجربة محمد شكري الذي ألّف "الخبز الحافي" في السابعة والثلاثين، وحنا مينة الذي نشر روايته الاولى "المصابيح الزرق" في الثلاثين.

ويُشيرُ كذلك إلى الروائية الأميركية النوبلية توني موريسون التي بدأت مشوارها في سن الأربعين وخوزيه ساراماغو الذي بدأ في أول العشرينات برواية، ثم انقطع أكثر من عشرين عاماً، وحينما عاد في منتصف الأربعين لم يتوقف حتى وفاته العام الماضي وحظي بتكريم جائزة نوبل.

ويرى نصار في مقولة "الإبداع المتميز يقوي حركة النقد "-ورغم ان النقد يعيش عالة على الإبداع أو يتبعه- نظرةً جزئية، تنظر إلى النقد على أنه "تحليل للعمل الفني واكتشاف ما يحتويه من مهارات أسلوبية ولغوية ومضامين".

ويشير إلى أنَّ هناك اليوم في العالم "نقدا فكريا يجمع ما بين النقد الأدبي والفلسفي والاجتماعي والتاريخي، ويُؤسِّسُ لدراسة التحولات الفكرية، وتحليل نتائج بحوث العلوم الانسانية، ورصد الظواهر الإنسانيَّة الكبرى كالثورات ونشوء الحضارات، وبروز المذاهب والتيارات الأيدولوجية مما يدخل في بحثه جميع فروع الدراسات الإنسانية والفنية".

ويُتابعُ أنَّه بمعنى آخر تحوَّلَ من الدراسات الفلسفية إلى الدراسات النقدية الفكرية الأدبيَّة الشاملة، ومثال ذلك كتابات إدوارد سعيد، ومحمد أركون، ومحمد جابر الانصاري، وعبد الله العروي وغيرهم، منوِّهاً إلى أنَّ النقدَ "صار منهجاً واسعاً لا ينتظرُ نصوصاً إبداعية لكي يتحرك وينتج، لأنَّه يتعامَلُ مع نشاطات الإنسان ونصوصه ووسائل تعبيره المختلفة ويتعامل مع حركة المجتمعات".

ويذْهَبُ إلى أنَّ التحوُّلات على صعيد مكانة القصة والرواية تجري "على مستوى الإبداع العالمي، حيثُ الروايَةُ ديوان العالم اليوم"، مشيرا الى كتابات كثيرة من قبل "نقاد في العالم تتحدث عن تراجع الاهتمام بالقصة القصيرة لصالح الرواية، وترسم صورة يكتنفها الغموض بخصوص مستقبل القصة، وتحاول أنْ تسبر الأسباب التي أدَّت إلى هذا الواقع.

ويقول على الرغم من أن "عوامل النشر والترجمة والجوائز التي تخصص للرواية وتحتفي بالروائيين تلعب دوراً رئيساً، إلا أن معظم هذه الاسباب خارجة عن جوهر فن القصة ذاتها"، معتبرا أن القصة لديها من الحيوية ما يجعلها "قابلة للتطور والاستمرار والتجاوب مع التجريب واستكشاف آفاق أخرى لتطوير اسلوب القص واستخدام تقنيات حديثة في بنائها".

ويؤكد أنَّ "ازدهار الرواية ليس حقيقة دائمة أو ثابتة حيث مرت الرواية الغربية في الستينات والسبعينات بتراجعٍ حدا ببعض النقاد وخاصة في بريطانيا مثل آلان ماسيه وجايلز غوردون وبيرنارد بيرغونزي الى القول إنها "فقدت زخم حضورها ومعناها ولذتها".

ويعتبر الرواية اليوم في ازدهار مرة أخرى بفضل ما يتوفر لها من "حوافز وتطور في وسائل الاتصال الحديثة التي تعزز الذاتية في هذا العصر، حيث ساهمت ثورة الاتصال وشبكة المعلومات في تعزيز حضور النثر وخصوصاً السرد على حساب الشعر".

وفيما يتعلق بالمنطقة العربية يقول "كانت فترة الستينيات والسبعينيات فترة طغيان الشعر على الانواع الأخرى، أما الآن فنشهد زمن الرواية"، رائيا أن العامل الاهم الذي ساهم في ازدهار الرواية العربية قبل غيره هو "اتساع حركة الترجمة والتي كانت المفتاح الى بروز مشاريع الجوائز والتفرغ الابداعي والدعم الاكاديمي الجامعي".

وفي جانب النقد الانطباعي والمتخصص يشير الى أنه في معظم الصحف الغربية وحتى العربية هناك كتاب ونقاد يقومون بعرض الكتب بقراءات نقدية انطباعية تتناول عموم "العمل الابداعي بما يقرب الصورة للقارئ ويضعه في مناخ العمل "مقرا بأهمية هذا النوع من "النقد المهم في الصحافة".

أما مجالات النقد المتخصص فيراها "الدراسات التي تقدم في المؤتمرات والندوات وتنشر في المجلات الأدبية والأكاديمية المتخصصة، وتسعى الى أن تكتشف مواضيع وعلاقات ودلالات وظواهر وقضايا في العمق بما تحتاجه من خبرة واطلاع ومقارنات ومقاربات تستند الى خبرة لغوية ومعرفية وفكرية".

ويخلص في هذا السياق إلى أن "النقد الانطباعي يقول للقارئ في عجالة ما اراده المؤلف أو ما يظن الناقد أن المؤلف أراد أن يعبر عنه. هذا النوع من النقد مهم لعموم القراء، أما النقد المتخصص المستند الى مناهج البحث والتحليل والاستنتاج فهو ضروري ومهم للقارئ المتخصص والمثقف الباحث ومبدع العمل نفسه ليرى ما يراه الآخرون في أعماله".

وفيما اذا كان يلوح في داخله بارق رواية يكشف عن أنه لا يفكر في أن يبقى "راهباً في معبد القصة! أو أن يتزوجها زواجاً كاثوليكياً، فليس بالقصة وحدها يحيا الانسان" معلنا "بعد أن ترى مجموعتي الثالثة النور، سأخوض تجربة الرواية".

ويتابع "إن نفَسي القصصي وبشهادة بعض الاصدقاء من كتاب القصة والرواية "مثل جمال ناجي ومحمود الريماوي وهدية حسين"طويل وقريب من الرواية"غير مقلل من حقيقة أن القصة بالنسبة له "عالم كامل رغم مساحته الضيقة وتكثيفه، فالقصة أكثر من لحظة دهشة ومفارقة. لا بد من الايجاز والتكثيف والمفارقات.

ويشير إلى ما يراه د. محمد عبيدالله في حديثه عن مجموعته الثانية، من نزوعه الى تناول الحدث "بأبعاده الخارجية والداخلية وتركيزه على عوالم النفس الداخلية" ما يفسر تركيزه على القصة السيكولوجية، حيث يهتم بتجسيد الظلال النفسية والتفاعلات الداخلية وابراز الاحاسيس والمشاعر والتأملات الفلسفية"، وهذا ما يجعلني "قريباً من عالم الرواية".




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق