الأحد، سبتمبر 26


هل تتحقق مقولة جائزة لكل روائي عربي؟

جوائز الرواية العربية والعالمية: تشجيع أم تقليد أم تكفير عن الماضي؟
اياد نصار

* نشرت في الملحق الثقافي لجريدة الدستور الاردنية بتاريخ 24/9/2010

هل ما يزال الشعر ديوان العرب الاصيل الذي يحتل الصدارة، أم تراجع، الان، لصالح الرواية؟ الجوائز الادبية، في مجال الرواية، عربياً وعالمياً، والتي صارت مثل زخ المطر، تقول غير ذلك. الدكتور جابر عصفور أكد أن الزمن الذي نعيشه هو "زمن الرواية"، والناقد وأستاذ المسرح، الراحل علي الراعي، عدّ الرواية "ديوان العرب المحدثين". كما أن آخر شيء يحبذه أصحاب دور النشر، الان، هو نشر دواوين لشعراء جدد! وآخر شيء يتوقعونه أن ينتشر ديوان لشاعر جديد، ويفرض حضوره مثلما تفعل الرواية! في حين يزداد احتفاء العالم كله بالروائيين، ما بين الجوائز وبرامج دعم النشر وانتشار الترجمات وغيرها، وقد تحول الامر ـ في بعض الاحيان ـ الى هوس في جمع أكبر قدر من الجوائز، والاعلان عن الفوز بها، بغض النظر إن كانت معروفة أو هامشية مجهولة، ولدت على الانترنت، في ليلة ظلماء!



ذكر الناقد المتخصص في الرواية البريطانية المعاصرة، جيمس ف. انغلش، الذي ألف ـ في عام 2005 ـ كتاباً بعنوان "اقتصاد المظاهر: الجوائز وانتشار القيمة الثقافية"، في مقالة له بعنوان "كسب اللعبة الثقافية: الجوائز والمنح وقواعد الفن"، والتي نشرت في مجلة "تاريخ أدبي جديد" الصادرة عن مطبعة جامعة جون هوبكنز: "هناك عدد من الجوائز يفوق الابداع، مما يفسر وجود حقل نقدي مختص بتوزيع الجوائز والمنح الأدبية". ويقول الكاتب والمسرحي الأمريكي، غور فيدال: "إن هناك جوائز في الولايات المتحدة يفوق عددها عدد الكّتاب الامريكيين". ويقول الشاعر الأسترالي بيتر بورتر: "هناك عدد كبير من الجوائز في أستراليا، حتى لا يوجد كاتب في سيدني لم يحصل على واحدة". و قد تندر روائي بريطاني، خلال حضوره مؤتمراً أدبياً كبيراً في بلومزبيري، في بريطانيا، حيث اكتشف أنه أحد اثنين، فقط، لم يحصلا على جائزة أدبية من بين كل الحاضرين".‏

عالمياً:
يوجد في دول العالم المختلفة، حالياً، ما يزيد عن 500 جائزة أدبية معروفة، ذات تاريخ متواصل، ومخصصة لمجالات الابداع الادبي: كالرواية والقصة القصيرة والشعر والنص المسرحي والنقد وأدب الطفل، غير أن الجانب الاكبر منها مخصص للسرد. ويشير هذا العدد فقط الى الجوائز ذات النهج المؤسسي المعروفة، أو ذات المكانة الادبية المرموقة، أو التاريخ العريق، أو الشهرة الدولية أو الاقليمية أو الوطنية، أو ذات القيمة الرمزية المهمة، أو المكافأة المالية العالية. وتتنوع الجوائز، تبعاً لذلك، بحسب موطنها ولغتها ومعاييرها وقيمتها، بدءاً من جائزة نوبل في الآداب 1901، وهي الاشهر والاضخم، التي تبلغ مكافأتها ما يزيد عن مليون يورو، الى جائزة أكوتاغاوا اليابانية، التي أُحدثت في العام 1935 ، في أقصى الشرق، الى الميداليات الذهبية للاكاديمية الامريكية للفنون والآداب، والتي تأسست في العام 1915 ، في أقصى الغرب.


يبلغ عدد الجوائز العالمية المفتوحة أمام جميع الجنسيات اثني عشرة جائزة، ومن أشهرها: نوبل، وهانز كريستيان أندرسن لأدب الطفل، وهناك جائزة القدس التي أُحدثت في العام 1963، وجائزة فرانز كافكا، في عام 2001. وآخر من حصل على جائزة القدس، في عام 2009 هو الروائي الياباني هاروكي موراكامي. كما حصل عليها، من قبلُ عدد من أشهر الروائيين مثل خورخي بورخيس، وسيمون دو بوفوار، ويوجين ايونسكو، وجي. إم. كوتزي، وماريو فارغاس يوسا.


ومن الجوائز المشهورة والمرموقة، عالمياً، جائزة أمير أستورياس الاسبانية التي تمنح سنوياً في حقول الفنون، والانسانيات، والعلوم، والتعاون الدولي، والاداب، والعلوم الاجتماعية، والرياضة. تأسست الجائزة في عام 1980، وقد حصل عليها، هذا العام، في مجال الاداب، الروائي اللبناني الفرانكوفوني أمين معلوف.


إن أكثر دولة يوجد بها جوائز أدبية، حالياً، هي الولايات المتحدة، التي يصل عدد جوائزها المؤسسية المعروفة، والممنوحة في المجالات الابداعية والنقدية، الى حوالي 70 جائزة. وهناك، نيوزيلندة، تلك الدولة الصغيرة، التي يوجد لديها، 50 خمسون جائزة مختلفة، ثم اليابان، بينما، تمنح، في المملكة المتحدة حوالي خمس وعشرين جائزة. ولا تشمل هذي الاعداد الجوائز ذات الصفة العالمية، المتاحة المشاركة فيها لكل من يكتب أدباً بلغة البلد، الذي يمنح الجائزة.


يوجد، في الولايات المتحدة، ست وعشرون جائزة مكرسة للأدب الروائي، ما يعكس الاهتمام والاحتفاء بالرواية والروائيين. وأغلب الادباء الامريكيين، المعروفين على مستوى العالم، هم من كتاب الرواية.


ومن أشهر تلك الجوائز ذات السمعة العالمية، جائزة بوليتزر للسرد المستمرة منذ العام 1918، وهي احدى جوائز بوليتزر في مجالات الصحافة، والادب، والتأليف الموسيقي. تبلغ قيمة الجائزة عشرة الاف دولار، وتمنح لاحسن رواية أمريكية. ومن طريف ما يذكر أن لجنة التحكيم أوصت في عام 1941 بمنح الجائزة الى ايرنست همنجواي على روايته "لمن تقرع الاجراس"، ووافق مجلس أمناء الجائزة على التوصية، إلا أن رئيس جامعة كولومبيا، آنذاك، اقنع اللجنة بعدم منحها له، لأنه اعتبر أن الرواية عدائية، وبالتالي لم تمنح الجائزة تلك السنة.


هناك جائزة كتاب أنسفيلد وولف التي تأسست في عام 1935، وتمنح في مجالات عدة منها الرواية، وقد سبق أن فاز بها في العام 2008 الروائي جنوت دياز، من الدومنيكان، والروائي الامريكي، من أصل باكستاني، محسن حامد، والروائي وليم ميلفن كيلي. وهناك جائزة جانيت هيدنغر كافكا للسرد النسوي الامريكي، منذ عام 1975، التي تماثل جائزة أورانج البريطانية للرواية النسوية، التي تمنح لاحسن رواية كتبتها امرأة بالانجليزية.


ومن الجوائز المهمة جائزة الكتاب الوطني، التي تهدف الى دعم أفضل نتاج الادب الامريكي ونشره. تأسست عام 1950، وقيمتها 10 الاف دولار، وفاز بها عدد من الروائيين الامريكيين المشهورين، من مثل وليم فوكنر، وبيرنارد مالمود، وفيليب روث، وجون أبدايك، وجويس كارول اوتيس، وسوزان سونتاغ. وهناك جائزة وليم فوكنر للرواية، التي تأسست عام 1980، وتبلغ قيمتها 15 ألف دولار للفائز الاول، وخمسة آلاف دولار للفائز الثاني. ومن المعروف أن وليم فوكنر تبرع بقيمة جائزة نوبل، التي فاز بها عام 1949، لتشجيع الروائيين الجدد.


أما الجوائز المخصصة لمواطني دول الكومنولث البريطاني، في الاداب، فهي أربع، ومن أقدمها جائزة مان بوكر للرواية، والتي أنشئت في العام 1968، وتمنح سنوياً لأفضل رواية مكتوبة باللغة الانجليزية، وقد سبق أن فازت بها الروائية الجنوب افريقية، والحائزة على جائزة نوبل نادين غورديمر، والروائي وليم غولدنغ، والروائي سلمان رشدي، وآخر من فاز بها الاديبة البريطانية هيلاري مانتل في العام الفائت، عن روايتها "قاعة الذئب".


ومن أشهر الجوائز العالمية في ايطاليا جائزة مونديللو بريمو، التي تمنحها مدينة باليرمو، في صقلية، والتي أحدثت في العام 1975. وقد حصل عليها، في العام 2009، الروائي الليبي ابراهيم الكوني، عن مجموعته "وطن الرؤى السماوية". حصل على هذه الجائزة عدد من كبار الروائيين في العالم، من مثل، جونتر جراس، ودوريس ليسنغ، وخوسيه ساراماغو، وجي. ام. كوتزي، والبرتو مورافيا، وميلان كونديرا، وايتالو كالفينو.


وهناك جائزة غرينزاني كافور الايطالية، التي تأسست في عام 1982، في مدينة تورينو، وهي ذات طبيعة عمومية، حيث يشارك في قراءة الاعمال، والحكم عليها، عدد كبير من النقاد، والكتاب، والصحفيي، والشخصيات الادبية الايطالية، ويلعب الطلاب دوراً بارزاً، حيث تتشكل سبع عشرة لجنة من الطلبة في ايطاليا كلها. تمنح الجائزة في سبعة ميادين تخص الادب الايطالي، وخاصة الرواية، بالاضافة الى جائزتها العالمية. ومن الادباء الذين فازوا بها غونترغراس وفي. إس. نايبول، ودرويس ليسنغ، والتركي أورهان باموك، والنيجري وول سونيكا، والشاعر العربي أدونيس (فاز بها في العام 2008).


وفي الاداب الفرنسية هناك جائزة غونكور Goncourt، التي أشهرت منذ منذ عام 1903. جاء انشاء الجائزة رداً على عدم قبول الاكاديمية الفرنسية أدباء الاتجاه الواقعي، مثل أونوريه دي بلزاك، وجوستاف فلوبير، واميل زولا. ومن بعدها بسنة ظهرت الجائزة النسوية المشهورة فيمينا Femina. وقد فاز بجائزة غونكور، من الادباء العرب الفرانكوفونيين، أمين معلوف، والطاهر بن جلون. ومن الفضائح التي ارتبطت بهذه الجائزة حصول الروائي رومان غراي، عليها مرتين: الاولى عام 1956 عن روايته "جذور السماء"، والثانية كانت عندما فاز بها باسم مستعار (إميل آجار) في عام 1975، عن روايته "الحياة أمامنا".


أما في الادب الاسباني فإن أشهر جائزة هي ميجيل دو ثيربانتيس، التي أنشئت عام 1976، لتكريم المنجز الابداعي بأكمله، لكاتب يكتب بالاسبانية. تبلغ قيمة الجائزة 125 الف يورو، وتمنح لأي من مواطني الدول الناطقة بالاسبانية. ومنذ تأسيسها منحت لمواطني تسع دول، هي: كوبا، والارجنتين، والاوروغواي، وتشيلي، والباراغواي، والمكسيك، وكولومبيا، والبيرو، بالاضافة الى اسبانيا ذاتها. ومن أشهر الروائيين الذين فازوا بها الارجنتيني خورخي بورخيس، والمكسيكي أكتافيو باز، والبيروفي ماريو فارغاس يوسا.


أما من حيث القيمة المادية، فإن أغلى جائزة في العالم، من بعد جائزة نوبل، هي جائزة بريمو بالينتا الاسبانية، التي تقدمها دارالنشر بالينتا منذ عام 1952، وتمنح لرواية مكتوبة بالاسبانية، وتصل قيمتها الى 601 ألف يورو. ومنذ عام 1974 صار الكاتب الذي يحل في المركز الثاني يحصل على جائزة قيمتها 150 الف يورو.


عربياً:
مرّ زمان كانت الجوائز العربية حالة نادرة وغير معروفة، ولم يكن الامر يتعدى حفلة تكريم يتنادى لها الادباء، وكانت صورة الجائزة الوحيدة، التي عرفها تاريخ الادب العربي، منذ القدم، هي أعطيات الخلفاء والولاة والتي لم تكن بغير ثمن مرٍّ، أحياناً، كما تجرّعه المتنبي!


غير أننا نجد، في المغرب العربي، سبقاً الى إنشاء الجوائز الادبية، وربما ما كان ليحدث لولا أن السلطات الاستعمارية الفرنسية أنشأت ما عُرف بـ"جائزة المغرب الادبية الكبرى"، عام 1925، والتي بقيت حكراً على الفرنسيين حتى عام 1949، حين فاز بها الاديب المغربي، وأحد رواد الادب الفرنكوفوني، أحمد الصفريوي. وبعد الاستقلال أعيد إحياء الجائزة، عام 1974. ومن الجدير بالذكر أن القاص المغربي، أحمد بوزوفور، رفضها، عام 2009، احتجاجاً على سياسة الحكومة الثقافية.


ازدحمت الساحة بالجوائز، منذ أوائل التسعينيات من القرن الفائت، تحت مسميات شتى، حتى صرت تحس أنها محاولة للتكفير عن زمن قحط الجوائز وغياب التكريم. ويتساءل المرء، هل هدف كل هذه الكثرة من الجوائز، وخاصة الروائية منها، تقدير المبدعين، وتكريم جهودهم، واعتراف بدور الادب في الحياة؟ فلماذا، إذن، تأخر العالم العربي، كثيراً، حينما نجد أن العديد من الجوائز العالمية بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، من مثل: نوبل، وبوليتزر، وغونكور وغيرها؟ أم هو وعي متأخر بقيمة الجوائز ودورها، وخير أن تأتي متأخرة من ألا تأتي ابداً؟ لا تخلو المسألة من تقليد طبيعي للغرب، بعد هذا الانفتاح على الاداب الاجنبية، من خلال الترجمة، ورؤية مهرجانات الجوائز والمشاركة فيها. ولا شك أن وسائل الاتصال الحديثة، والعولمة، والابتعاث الاكاديمي الى الجامعات الغربية، والصحافة، لعبت دوراً في انتشار الجوائز العربية. كما أن رغبة بعض الانظمة، والحكومات، في تحقيق سمعة تصورها راعية للابداع والمبدعين يدفعها لذلك. ولا ننسى دور المثقفين أنفسهم في الضغط باتجاه إحداث الجوائز واقرارها، وأحياناً، ريادة السبق قبل الدولة في تكريس مسألة الجوائز، كما فعلت أحلام مستغانمي في تكريس جائزة مالك حداد للرواية في الجزائر.


أما على صعيد الواقع الحالي للجوائز العربية، فلا تخلو الساحة من كثرة منها، هنا وهناك، لكن بعضها موسمي: يظهر ويختفي، وبعضها لا يملك التمويل اللازم للاستمرار، فتجدها تعتمد على قناعة الاثرياء بجدواها، أو على قدرة منظميها في الحصول على دعم جهات أو مؤسسات تؤمن برسالة الجائزة، أو بأهمية ابداع من تسمّى باسمه، لابقائه حياً في الذاكرة، وفي أحيان كثيرة تتبرع هذه الجهة، أو تلك، من باب الخجل من مسؤوليتها الاجتماعية، أو اتقاء لنقد الاقلام، ولهذا لا تعيش الجائزة سوى سنوات معدودة، وربما أقل. وهناك جوائز تفتقد المنهجية والمعايير الواضحة التي تحكم اجراءات منح الجائزة، وأعني، بذلك، الخطوات والمعايير التنفيذية الواجب مراعاتها منذ الاعلان عن الجائزة، واستقبال الترشيحات وحتى تشكيلة لجنة النقاد، أو الحكام، ومراحل التنافس واعلان الفائزين.


لا تخضع قرارات لجان التحكيم الى التدقيق أو الطعن بها. وفي أحيان كثيرة يكتفي النقاد، في لجان التحكيم، بتقديم فقرة انشائية عامة يضمنونها ميزة العمل الذي تم اختياره، من غير تقديم أية ورقة نقدية أو تعليل المنح بشكل كاف، أو نشر حيثياته، أو حتى نشر مداولات النقاش والتصويت على الرواية الفائزة، التي ربما يظهر للملأ حجم اعتبارات الشخصنة، والمجاملة، والهيمنة من طرف أعضاء على آخرين، وتأثير العلاقات العامة والمصالح المتبادلة.


في أحيان كثيرة تتغافل الهيئات المشرفة، على تنظيم الجوائز، مسألة الاتصال والتواصل مع المشاركين الذين شاركوا في التنافس على نيل الجائزة، مثلما تتغافل عنهم، بعد ذلك، اذا لم يفوزوا، ولا تفكر في بحث دعمهم مادياً، أو معنوياً، أو دعم نشر أو ترجمة أعمالهم، إذ لا بد أن من بين من تنافسوا على الجائزة من قدموا أعمالا جيدة تستحق الدعم، رغم عدم فوزها. إن غياب الخبرة المتراكمة، والفساد الاداري، والخلط بين الشخصي والمهني، ووقوع القائمين على الجائزة تحت ضغوطات الصداقة والاعتبارات الذاتية والمصلحية الاخرى، تجعل من بعض الجوائز عالماً من الغموض.


ومن الجوائز المهمة: الجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة باسم البوكر. وتعد الجائزة ثمرة تعاون مشترك بين المؤسسة التي تمنح جوائز البوكر الدولية، في بريطانيا، ومؤسسة الامارات في أبو ظبي. وقد تم اعلانها في بداية عام 2007، وتبلغ مكافأتها المالية عشرة آلاف دولار لكل رواية تصل قائمة الترشيحات النهائية، وخمسين ألف دولار للفائز. وتغير ادارة الجائزة لجان التحكيم في كل عام، وتتبع المعايير ذاتها في اجراءات الترشيح والاختيار كما في النسخة الانجليزية.


وقد اعتادت الساحة العربية على كثير من اللغط والتشكيك وحملات المقاطعة، التي ترافق مجريات المسابقة، عبر مراحلها الثلاث، الى حين إعلان الرواية الفائزة. لكن اللافت، هذا العام، كان الخلافات بين أعضاء لجنة التحكيم، بصورة علنية، في الصحافة، ووسائل الاعلام، ما كاد يعصف بالجائزة، ويعطل مسيرتها، بعد انسحاب بعض أعضائها، واتهام البعض الآخر بأن لهم يداً في صفقة تهدف الى فوز رواية ما.


أدت حمى جائزة البوكر، بالاضافة الى الجوائز الروائية الاخرى، الى طفرة ملحوظة في انتاج الروايات وتدفق نشرها، حيث صار يعكف الروائيون على تأليف روايات بغية المشاركة في الجائزة، بالمقام الاول، فصرت تلاحظ أن كثيراً من الروائيين العرب، الذين اعتادوا على تأليف الروايات، ونشرها، على مدى سنوات متباعدة، يستعجلون انتاج رواية، كل سنة. بل صرنا نسمع قصصاً عن كتاب لا يراجعون رواياتهم، من أخطاء املائية أو نحوية أو طباعية أو معرفية أو أسلوبية، ووصل الامر الى تغيّر اسماء الشخصيات أثناء الرواية! ونقل عن أحدهم قوله: "في الوقت الذي أدقق فيه روايتي أكون قد ألفت رواية أخرى"!


هناك جائزة سلطان العويس، في الامارات العربية المتحدة، التي تم انشاؤها في العام 1987 وتمنح كل عامين مرة، في مجالات عدة، منها الرواية. وسبق أن فاز بها من الاردن، عبر سنواتها السابقة، د.احسان عباس، ود. ناصر الدين الاسد، والمفكر د. فهمي جدعان، والروائي ابراهيم نصر الله. ومن غرائب الامور أنه تم سحب الجائزة، في عام 2004، من الشاعر العراقي المعروف، سعدي يوسف، بعدما منحت له في العام 1990، وشطبه من سجلاتها. وقد أثار القرار انتقاداً لما ينطوي عليه من ربط الجائزة بموقف الفائز السياسي، مما يشي بأن الجائزة لا تمنح على اساس ابداعي بحت، بل لها ثمن.


ومن الجوائز العربية المعروفة جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي بدأت في عام 2006. تبلغ قيمة الجائزة المالية 750 ألف درهم، وتمتاز بشمولها مجالات ثقافية عديدة، مقارنة مع الجوائز العربية، والعالمية الأخرى. ومن مجالاتها اختيار شخصية العام الثقافية. وقد فاز بجائزة الرواية، في دورتها الاولى، الجزائري واسيني الاعرج، عن روايته "الامير ومسالك أبواب الحديد"، وفي الدورة التالية فاز بها الليبي ابراهيم الكوني، عن روايته "ما كان بعيداً"، وفاز بجائزة الدورة الثالثة جمال الغيطاني عن رواية "الدفتر السادس من دفاتر التدوين – رن".


ومن الجوائز العريقة، في الساحة الثقافية العربية، جائزة أبي القاسم الشابي، التي بلغ عدد دوراتها، منذ تأسيسها، في عام 1984، اربعاً وعشرين دورة، تكريماً لشاعر تونس الاشهر، وتشرف عليها وزارة الثقافة والتراث التونسية. يتغير موضوع الجائزة، في كل دورة، ما بين الرواية والشعر والقصة القصيرة والنص المسرحي. وقد فاز بها، من الاردن، في عام 2005، الروائية سميحة خريس، عن رواية "دفاتر الطوفان"، وفي عام 2008، فاز بها هزاع البراري، عن نصه المسرحي "قلادة الدم". وقد رسا اختيار وزارة الثقافة، في تونس، على أن تكون الرواية هي مجال الجائزة للعام الحالي، 2010.


تأسست جوائز الشارقة للابداع العربي في عام 1997، بأمر من حاكم الشارقة، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وتسعى الى تشجيع ابداع الشباب في الوطن العربي. تمنح الجائزة لثلاثة فائزين في كل من مجالات: الشعر والرواية والقصة والمسرح وأدب الطفل والنقد الادبي والسيرة الذاتية. وفي الدورة الاخيرة التي أعلنت نتائجها، قبل عدة أشهر، لم يحصل أي أديب أو أديبة، من الاردن، على جائزة فيها. أما في السنة التي سبقتها، ففازت مشاركة، من الاردن، بالمركز الثاني للقصة القصيرة.


أما جائزة دبي الثقافية للابداع، فتقدم لمن هم تحت سن الاربعين، وتشمل سبعة مجالات، هي: الشعر، والقصة، والرواية، والفنون التشكيلية، والحوار مع الغرب، والتأليف المسرحي، والافلام التسجيلية، وقيمة الجائزة ـ لكل فرع منها ـ خمسة وعشرون ألف دولار، توزع على خمسة فائزين.


ثمة جائزة الرواية العربية، التي يمنحها معهد العالم العربي، في باريس، لأفضل الروايات العربية المنشورة بفرنسا. وتأتي في إطار المبادرات الثقافية لمجلس السفراء العرب، في فرنسا، بغية توطيد الحوار الثقافي بين العالم العربي وفرنسا. وتمنح الجائزة للأعمال المكتوبة بالعربية والمترجمة إلى الفرنسية أو المكتوبة بالفرنسية، وقد أنشئت الجائزة سنة 2008، وتبلغ قيمتها 15 ألف يورو. وقد فاز بها في الدورة الثالثة، هذا العام، الروائي المغربي، ماحي بنبين، عن روايته "نجوم سيدي مومن"، والروائي الجزائري رشيد بوجدرة، عن روايته "أشجار التين الشوكي". وكان الروائي اللبناني، الياس خوري، فاز بالجائزة، في دورتها الاولى.


وأشير الى جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية، التي تشرف عليها الجامعة الامريكية في القاهرة. أحدثت الجائزة في عام 1996، وتمنح، كل عام، في يوم الحادي عشر من شهر كانون الاول، الذي يصادف ذكرى ميلاد نجيب محفوظ. وقد جرت العادة أن تمنح الجائزة، في عام، لروائي عربي، وفي عام آخر، لروائي مصري. ومن الفائزين بالجائزة، في دوراتها السابقة: مريد البرغوثي، وهدى بركات، وأحلام مستغانمي، وبنسالم حميش، ومن المصريين خيري شلبي، ويوسف أبو رية، وإبراهيم عبد المجيد. وقد فاز بها، العام الماضي، الروائي السوري خليل صويلح عن روايته "وراق الحب".


هناك الكثير من الجوائز، في مصر، كجائزة الدولة التقديرية والتشجيعية، وجائزة مبارك، وجائزة الدولة للتفوق، وجوائز الهيئة العامة لقصور الثقافة، وجوائز اتحاد كتاب مصر، وجائزة محمود تيمور للابداع، وجائزة احسان عبد القدوس للرواية، وجائزة عزالدين اسماعيل، وجائزة نادي القصة المصرية، غير أنها، كلها، محلية تمنح للادباء المصريين.


وأشير، في هذا الصدد، الى جائزة ملتقى القاهرة للابداع الروائي العربي، الذي يشرف عليه المجلس الاعلى للثقافة، في مصر، والتي منحت، في دورتها الرابعة، عام 2008، للروائي ادوار الخراط. وكان الروائي العربي الراحل، عبد الرحمن منيف، فاز بالجائزة في دورتها الاولى، 1998، وفاجأ الروائي المصري، صنع الله ابراهيم، المجلس الاعلى، برفضه الجائزة، في الدورة الثانية، عام 2003، أما جائزة الدورة الثالثة، 2005 ففاز بها الروائي السوداني الراحل، الطيب صالح.


يوجد في تونس جائزة تدعى جائزة "كومار" للإبداع الروائي باللغتين: العربية، والفرنسية، وتقدمها شركة تأمين تونسية تحمل الاسم ذاته. وقد تم تأسيس الجائزة في عام 1994. وتمنح جائزة الكومار الذهبي لرواية باللغة العربية ورواية باللغة الفرنسية. وقد فاز بها، في عام 2010، الروائي نور الدين العلوي، عن روايته "تفاصيل صغيرة"، وأما الفائزة عن الرواية باللغة الفرنسية، فنالها فوزي الملاح. ومن طريف الامور أن الروائي الصافي سعيد رفض، في عام 2001، ترشيح روايته، وأصر على سحبها من القائمة، ثم تبين، بعد ذلك، أنها كانت الرواية الفائزة!


وفي الجزائر أشرف الروائي الراحل، الطاهر وطار، الذي كان يترأس جمعية "الجاحظية" الثقافية، على جائزة الرواية، "الهاشمي سعيداني" التي تقدمها الجمعية. وتهدف الى تطوير التجربة الروائية في دول المغرب العربي، ودعم الاصوات الروائية الشابة. وقد أحرز الأديب الجزائري الشاب "سمير قاسيمي" جائزة الدورة الثانية هذا العام عن باكورة أعماله الروائية، وهي "تصريح بالضياع".


وفي المغرب أذكر جائزة محمد زفزاف للرواية العربية، التي تمنح على هامش مؤتمر أصيلة الثقافي، في المغرب، وتمنح كل ثلاث سنوات، بالتناوب مع جائزتي"تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي و"بلند الحيدري" للشعراء العرب الشباب. وقد منحت الجائزة، في دورتها الرابعة، سنة 2010 للروائي السوري حنا مينة.

* اللوحة أعلاه بعنوان شبح السوق للفنان التشيلي كلوديو برافو

رابط المقالة

رابط الصفحة الكاملة (انتظر قليلا حتى يتم تحميل الصفحة)





هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف11:40 م

    فلنجمل الوضع ولنقل أن القصيدة لا تعاني, بل تزهر في اثواب اخرى
    تحياتي

    ردحذف