الأربعاء، سبتمبر 23

شهرزاد القتيلة


شهرزاد القتيلة


اياد نصار

للنهارِ رائحةُ المطرِ فوق الترابِ الغريبْ

وللضبابِ غلالاتٌ تتسللُ فوق قصرِكِ وتغيبْ

يورقُ بهاؤك في المساء موسيقى

ترقص على رمل الشاطيء في وهج شفق مَهِيبْ

فتنة لا تحصى

ولا تعدْ

صوتُك عازفُ نايٍ من سمرقندْ

أذاكَ عذوبةُ ثغرِكِ أم تراه سحرٌ مريبْ؟

تغريني الحكاياتُ والشرفاتُ البعيدة.. فأصعد اليها

برغمِ العواصفِ والرقيبْ

ترسمُ لي من دهشةِ الكلمات درباًً

محفوفةً بموتٍ عجيبْ

لأعبرَ على جسرِ خوفي

الى جنةٍ من حروفِكِ وحروفِي

تجرّدني من حزنٍ أبدي

تحرّرني من ظلام ليلٍ وماضٍ كئيب

للنهارِ رائحةُ المطرِ فوق الترابِ الغريبْ

وللضبابِ غلالاتٌ تتسللُ فوقَ قصرِكِ وتغيبْ

ثلجٌ يذوبُ.. قطراتٌ تسيلُ على نافذتي

تكتب اسمَكِ.. أشعارَكِ بين العتمةِ والنورْ

أراك من خلفها تجلسين منذُ عصورْ

في سأمٍ رتيبْ

أركضُ اليك.. يصطدمُ رأسي بالجدارْ

تحاصرني جدرانُ القبيلةِ بالنارْ

حورية ً تجلسين على صخرةٍ وحيدة

كما كنتِ في البدايةْ

جاء اليك ولم ينتظر الحكايةْ

سيفهُ مشرعٌ على الاجساد يرسمُ

حدودَ النهايةْ.

فردوسُك وهمٌ لا يدوم سوى لحظاتْ

حلمٌ مبللٌ بأنّاتِ موتٍ قريبْ

تقتلني عيونُك الصامتةُ على مذبحِ عشتار

فأنحني

للموتِ .. للحزنِ.. للذكرياتْ.

للذكرياتِ مرارةٌ تترسبُ في قاعِ الروح

تثوي هامدةً ككتبٍ عتيقةْ

كزخرفةٍ خضراءَ مطرزةِ الحواشي

على جدرانِ مقامِ الوليّ

أو كآثارٍ غائرةٍ عميقةْ

في حنايا قلبٍ نازفِ الجروح.

كم تساءلتُ عن السر يا سيدتي..

كيف تركناها تموتُ بحدِّ السيفِ

بين أيدينا الحقيقةْ؟

لا أحدَ يعرفُ من قتلَ شهرزاد

تفرّقَ دمُها بين القبائلْ

وأنا في الوادي السحيقِ

أنتظر نهايتي كهلالٍ آفلْ

وكلُّ المنسيين بينَ صخورِ السفوح

يقطرُ دمي على حدِّ سيوفِ

من صادروا حلمَ الغدِ الماثل.

للسكونِ صدى خوفٍ قادمٍ من عمقِ التاريخْ

لم يبق سوى الجفافِ والترابِ الغريب.

رحلتْ.. فتلاشت من الأفقِ السنونواتُ وأضاميمُ الضياء

وقفتْ تودّع على حواف الظلالِ الصاعدةِ للسماء

سرّحتْ يديها فوق شَعَرِ الرياح وخيوطِ الشمسِ

بلا سناء

نزلتْ دمعةٌ فنبت زهرةٌ تحتَ شجرةِ عنّاب برية

هنا غنّتْ أغنيتها الاخيرة

فولدتْ ياسمينةٌ بيضاء

يولدُ الليلةَ نرجسٌ من كتبِ الطوفان القديمة

يرتدي البياضَ والماءَ وحصى الخلجان

ونظراتِ عاشقٍ ولهان

تسللتُ من القبيلة ووقفتُ عند الفنارْ

ذاتَ ليلةٍ يتيمة

لأرى ملامحَ وجهها الحزين

تشرقُ بالدمعِ كالامطارْ

لكنها غابت وراء سوادِ الامواج الليلية

أماتتْ شهرزاد؟

أراها في ورقي الذابل

طيفاً .. أسمعها في كلِّ قصةٍ شرقيةْ

صوتُها الآتي عبر أساطيري

ما زال يترددُ فوقَ الغيمِ

فلا يرجعُ سوى الصمتِ..

ولا يرجع سوى الغريب..

للمطرِ رائحةُ النهارِ والموتِ..


* الصورة أعلاه هي تمثال شهرزاد المنصوب في وسط بغداد للنحات العراقي الكبير محمد غني حكمت

هناك 4 تعليقات:

  1. أعطني كأساً من ذاكَ النبيذ / ودعنني أعيد تلوَ الأغنية ~

    ردحذف
  2. بعضك سحرٌ.. فلا تلومي الحرف يوماً اذا ثمل من نبيذك المسحور فصار أملا للعابرين!

    ردحذف
  3. غير معرف10:22 ص

    "أنت لفظ واحد في لغة الشوق محدد
    أنت لفظ بارز ..
    من كل أصناف الزيادات مجرد
    أنت للشعر نغم
    أنت فجر ..
    يفرش النور على درب القلم
    أنت .. ما أنت؟؟
    شذا .. نفح خزامي يملأ النفس رضا
    يمحو الألم"

    تحية إكبار لإبداع حرفك
    ياأستاذي .. اياد
    ( الراسية )

    ردحذف
  4. صعبة المزاج12:50 ص

    اثارتني حروفك النابضة فلم اجد سوى هذه العبارات البسيطة للتعبير عن مدى روعة كلماتك الرنانة في فؤاد ابداعاتك الادبية

    ماذا ساكتب ...
    والكلمات في حروفك ستخذلني
    ماذا سانثر على السطور...
    طاطات اناملي لحروفك
    فاحترقت بشعاعها الوضاء
    حبرك يلف الحروف بقيد من حرير
    قلمك كالاعصار يعصف برقي الحروف
    يهمس في اذانك بسحر الكلام
    اجدت صنع المعاني
    فاطلقت العنان لحبرك
    قصائدك وشاح الحروف في ليلة السهد
    كلماتك ماوى في ليلة البرد
    تشق طريقها عبر الصفحات
    ترفرف هنا و هناااااااك
    تملا الدجى بالنور
    حروفك تنبث الصحراء ورودا و اعشابا
    تسير كسحاب في صرح السماء
    تتطاير في رحاب المدى
    كقطرات البرد في فصل الشتاء
    ناشرة في كل الارجاء
    ثقافة واسعة
    حروف تعانق بريق الكلمات
    ترسم احلى الشعارات
    تترجم ابجدية الحروف
    مابين قلم عاصف و بريق المعاني
    واروع كلام...
    اندثر فوق جسر التعابير
    لكل عشاق الادب الاصيل
    فتطير كطائر لا يطير
    لتكون امبراطورية قلم
    شاخ شموخا و كبرياء
    ينثر رتوشه
    على لوحاتك الابداعية

    **** صعبة المزاج****

    ردحذف